ما زالت سديروت تحت القصف بقلـم إم جي روزنبرغ (original) (raw)

English: Sderot is still under fire

**ما زالت سديروت تحت القصف

بقلـم إم جي روزنبرغ

يناقش إم جي روزنبرغ أنه يتوجب على إسرائيل حماية مواطنيها، إلا أن الرد العسكري في غزة لم يكن فاعلاً بل وكان له رد فعل عكسي غير بناء. "منذ فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة الإغلاق والعزل والهجمات المتقطعة. من الممكن أن تكون هذه السياسات قد عادت بالأذى على الإرهابيين إلا أنها لم تردعهم. إلا أنه من المؤكد أنها تسببت بالأذى للجميع".

(مصدر المقال: منتدى السياسة الإسرائيلية Israel Policy Forum، 2 تشرين الثاني/نوفمبر2007)

واشنطن – يجب وقف القصف الإرهابي لسديروت وغيرها من القرى والبلدات المجاورة لغزة، ولكن السياسة التي تبنتها إسرائيل لتحقيق هذا الهدف لن تحقق ذلك.

أهم ما يتوجب معرفته عن هذا القصف هو أن سديروت تقع داخل إسرائيل نفسها وليس داخل الأراضي المحتلة. نتيجة لذلك، من السخافة بمكان الإشارة إلى أن هذه الهجمات تشكل "مقاومة"، إلا، بالطبع، إذا كانت المقاومة هي ضد وجود إسرائيل وليس ضد الاحتلال. في حالة سديروت والبلدات المجاورة تعتبر المقاومة ضد إسرائيل بوضوح.

كون سديروت في إسرائيل له أهمية محرجة. بالنسبة للمستوطنين الإسرائيليين الذين يقيمون في مستوطنات بعيدة نائية في وسط الخليل، يستطيع المرء أن يتساءل عن سبب وجودهم هناك من حيث المبدأ. فقد كانوا يعلمون أنهم ينتقلون إلى منطقة حيث يُحيط بهم فلسطينيون لا يرحبون بوجودهم. ويستطيعون دائماً العودة إلى إسرائيل إذا ارتأوا العيش في ربوع دولة يهودية.

لا يملك أهالي سديروت هذا الخيار، فهم داخل إسرائيل. ليسوا بمستوطنين وإنما هم إسرائيليون يحاولون العيش في وطنهم إسرائيل.

ولكنهم تحت هجمة متواصلة من قبل الإرهابيين. الواقع أن كلمة الإرهاب تنطبق بشكل كامل هنا لأن هذا العمل إرهاب بحت، أكثر من الموت أو الإصابة التي يتسبب بها قصف صواريخ القسام المتواصل.

وقد نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت هذا الأسبوع قصة عائلة شاكد التي كانت تجلس تشاهد التلفزيون "عندما سمع أفرادها فجأة صوتاً هم على معرفة به، صوت قذيفة هاون أطلقت باتجاههم". توجه أفراد العائلة فوراً، ومن ضمنهم أطفال وأحفاد رضع، إلى "الطابق الأرضي المقوى بالإسمنت والحديد، كما تدربوا مرات عدة في الماضي". بعد ثوانٍ معدودة سوي المنزل فوقهم بالأرض في إنفجار القذيفة.

ليس لإسرائيل الحق بإنهاء هذا الرعب فحسب، بل إن عليها التزاماً بفعل ذلك. فقبل كل شيء تعتبر المسؤولية الرئيسة لأي حكومة شرعية حماية شعبها من الهجمات الخارجية.

لدى قول ذلك، من الصعب رؤية أن الأعمال التي قامت بها إسرائيل منذ تولي حماس السلطة في غزة سوف تحقق ذلك الهدف في يوم من الأيام. بدون استثناء تقريباً، ترد إسرائيل على قصف المدنيين الإسرائيليين العاديين بمعاقبة المواطنين الفلسطينيين العاديين. قد يرى البعض عدالة في ذلك، أو على الأقل بعضاً من العمل الموازي. ولكن من الاستحالة أن نصدق أن القصف الإرهابي لإسرائيل سوف يجبر على التوقف نتيجة للألم الذي تفرضه إسرائيل على المدنيين في غزة. هل سيتوقف أحد الرعاع الذين يوجهون الصواريخ إلى مدرسة في إسرائيل بسبب قلقه على المدنيين الأبرياء الذين سيدفعون ثمن الرد الإسرائيلي فيما بعد؟ ألسنا نعطي الإرهابيين أكثر مما يستحقونه؟

وكما كتب كاليف بن ديفيد المعلق في الجيروساليم بوست، فإن المجموعات التي تطلق القسام لا يهمها "إذا عانى الغزي العادي نتيجة لأعمالهم، وهذا أمر اثبتوه مرة بعد أخرى. بل إن قيادة حماس سوف ترى ذلك ببساطة كفرصة جيدة لتبرير هجماتها المتكررة عبر الحدود.

التبرير وراء جعل السكان المدنيين في غزة يدفعون ثمن جرائم الإرهابيين هو الأمل بأن تؤدي معاناة هؤلاء المدنيين إلى قلب حكومة حماس. هذا أمر بعيد الاحتمال خاصة وأن حماس تملك تسليحاً جيداً وتحصل على المزيد من السلاح بشكل متواصل.

منذ فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية، كانت سياسة إسرائيل المزيد من الإغلاقات والعزل والهجمات المتقطعة. من المحتمل أن تكون هذه السياسات قد عادت بالأذى على الإرهابيين، إلا أنها لم تردعهم، ولكن المؤكد أن هذه الإجراءات عادت بالأذى على جميع الأطراف الأخرى.

خذ على سبيل المثال حالة ثمانية من الفلسطينيين المبعوثين ضمن برنامج فولبرايت، الذين تصف تغريد الخضري مراسلة النيويورك تايمز في غزة حالتهم في نشرة الشرق الأوسط. فاز هؤلاء ببعثة فولبرايت الشهيرة، الأمر الذي يوفر لهم فرصة متابعة دراساتهم العليا في الولايات المتحدة. إلا أن سياسة الإغلاق الإسرائيلية تبقيهم محبوسين في غزة.

وتضيف تغريد الخضري في مقالها " هؤلاء هم أذكى الطلاب، وقد حققوا أفضل السجلات الأكاديمية في دراساتهم الجامعية قبل التخرج، وهم بصورة عامة من بين أكثر الناس تفتحا. وهم يرغبون في مواصلة دراساتهم العليا في الولايات المتحدة والعودة للعمل وإصلاح مجتمعهم في غزة. هم الذين يملكون احتمالات التغيير، وهم يرغبون بفهم الولايات المتحدة بصورة أفضل، ولكنهم لا يستطيعون الوصول إلى هناك.

ثم هناك أصحاب الأعمال الذين أصيبوا بالضرر بشكل سيء. كان هؤلاء تقليدياً بعيدين عن السياسة، وليس حماس أو فتح. وفروا من خلال مصانعهم ومتاجرهم وصناعاتهم فرص العمل لسكان غزة. بعد فقدانهم القدرة على إدخال البضائع وإخراجها أصبحوا لا يستطيعون استخدام العمال. أصبح الشباب الذين كانوا يعملون لديهم في الشوارع وقد أصابهم الإحباط والكآبة".

والآن تغلق إسرائيل واحداً من المعبرين الباقيين المستخدمين لنقل المواد الغذائية إلى غزة، الأمر الذي لا يسمح إلا لـِ 55 شاحنة تحمل الطعام والبضائع يومياً من العبور بدلاً من 120 – 150. (تقدر الولايات المتحدة أن هناك حاجة لعبور 175 شاحنة يومياً لمواجهة أدنى حد من المتطلبات). كما تم تخفيض تزويد الغاز الطبيعي إلى أدنى حد، وينوي وزير الدفاع ايهود باراك البدء بقطع التيار الكهربائي حال قول وزير العدل إن ذلك قانوني.

وكما ذكرت افتتاحية هآارتز الأربعاء الماضي، "إن قطع التيار الكهربائي والوقود وطعام الأطفال عن المدنيين يشكل ضربة قاصمة لهم ولهم فقط"؟

ولن يوقف ذلك قصف سديروت.

هناك بالتأكيد أساليب أفضل لإسرائيل للتعامل مع الوضع، عسكرية ومدنية على حد سواء. الجيش الإسرائيلي على أتم الاستعداد لمتابعة القائمين على عمليات إطلاق الصواريخ واحتلال المناطق التي تطلق الصواريخ منها. وإذا اضطر الجيش لاحتلال مناطق إطلاق الصواريخ فليكن الأمر كذلك. كان جزء من تبرير إخلاء المستوطنين من غزة تمكين الجيش من العمل عند الضرورة دون أن يعيقه المدنيون الإسرائيليون.

أما بالنسبة للدبلوماسية فما زال مؤتمر أنابوليس على الأجندة. سوف يمهد اتفاق بين رئيس الوزراء أولمرت والرئيس محمود عباس الطريق ويقوي عباس ويضعف حماس. كما سيقوي مؤتمر فاشل أو ملغى حماس وهؤلاء الذين يطلقون الصواريخ على سديروت.

إضافة إلى ذلك يتوجب على إسرائيل التفكير بأساليب لفتح خطوط التواصل مع سلطات غزة. رغم أن قيادة فتح تعارض بشدة أي اتصال مع حماس (مهما كان غير مباشر)، قد لا يكون أمام إسرائيل أي خيار سوى التعامل مع حماس في غزة حتى تستطيع حماية سكان سديروت والقرى المجاورة. (إذا تمكنت حماس وإسرائيل من إجراء اتصالات غير مباشرة حول مصير الأسرى فلماذا لا يستطيعون عمل الشيء نفسه حول أمور أخرى؟)

تشكل انتخاب حماس في كانون الثاني/ يناير 2006 كارثة كاملة للشعب الفلسطيني، إلا أن سياسات إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي وضعت لمجابهة ذلك قد فشلت بشكل كامل. لقد حان الوقت لتجربة سياسات جديدة.

### *إم جي روزنبرغ هو مدير التحليل السياسي في منتدى السياسة الإسرائيلية، وقد عمل لفترة طويلة في الكونغرس الأميركي وكان محرر نشرة الشرق الأدنى لمنظمة AIPAC. تشكل وجهات النظر المذكورة في منتدى السياسة الإسرائيلية يوم الجمعة وجهات نظر إم جي روزنبرغ وليس بالضرورة وجهات نظر منتدى السياسة الإسرائيلية. تقوم خدمةCommon Ground الإخبارية بتوزيع هذا المقال الذي يمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org.

مصدر المقال: منتدى السياسة الإسرائيلية Israel Policy Forum، 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007

www.ipforum.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.