كواليس جينيف 2 – حوار مع هادي البحرة (original) (raw)

هاديـ بعد جولتين من المفاوضات، هل لك أن تحدّثنا وبشفافيّة، ومن وجهة هادي البحرة الإنسان والسياسيّ وليس كبير المفاوضين في الوفد، عن هذه المفاوضات، نجاحاتها، إخفاقاتها، الجوّ العامّ المحيط بها.

لن أخفيك قولاً عندما أقول إنّه وعلى الرغم من معرفتنا المسبقة بأنّ هذا النظام لن يعطي شيئاً طوعاً ولا توجد لديه الرغبة الحقيقيّة في أيّ حلّ سياسيّ. لكنّ واجبنا الوطنيّ والإنسانيّ كان يقتضي أن نتعامل بجدّيّة وإيجابيّة تجاه مؤتمر جنيف، ولا يمكننا ترك أيّة فرصة تثبّت حقوقنا وحرصنا على سلامة وطننا وواجبنا في السعي الحثيث لإيجاد حلول تؤدّي للتوصّل إلى حلّ سياسيّ يحقّق أهداف الثورة. إنّ أساس مشاركتنا في المؤتمر كان أنّنا أصحاب حقّ، وأنّنا نشارك كممثّل للشعب السوريّ، كلّ الشعب السوريّ، وبالذات لضميره. بنفس الوقت كنّا نعلم أنّ النظام سيشارك بجنيف ملزماً بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2118 ولم يكن لديه مهرباً منه إلاّ عن طريق خلق ظروف تمنع المعارضة من المشاركة في المؤتمر، وبالتالي يظهر هو كمن يسعى للحلّ السياسيّ والمعارضة هي من يرفضه. بالتالي اتخذنا قرار المشاركة كائتلاف وبشكل فاعل وإيجابيّ، يمكّننا من وضع النظام أمام استحقاقات جنيف2 وعدم التهرّب من طرح القضايا الأساسيّة والتي تتمثّل بحصر التفاوض بسبل تطبيق بيان جنيف 30-6-2012 كاملاً وبدءاً بالتفاوض على عمليّة الانتقال السياسيّ وتشكيل هيئة حاكمة انتقاليّة كاملة السلطات التنفيذيّة بما فيها على الأمن والجيش والشرطة وأجهزة المخابرات. كنّا نعلم أنّ وفد النظام سيستخدم أسلوب التسويف والمماطلة وحرف التفاوض نحو قضايا جانبيّة كما أسلوب الاستفزاز والتهديد، وأنّه سيسعى لانسحابنا من المؤتمر. ومن هذه المنطلقات وضعنا استراتيجيتنا وخططنا. ففي الجولة الأولى من التفاوض نجحنا بانتزاع الاعتراف الرسميّ من وفد النظام بأنّ الغاية الوحيدة للمؤتمر هي بحث وسائل تطبيق بيان جنيف 30-6-2012 وأنه يُعتَبر المرجعيّة الوحيدة للمؤتمر. كما نجحنا في طرح ورقة عن العنف ولاسيّما أسوأ أنواعه وهو عنف الدولة وكيفيّة إيقافه وأنّه لا يمكن النجاح بذلك دون الاتّفاق بشكل أساسيّ على تشكيل هيئة الحكم الانتقاليّ وعبر التطبيق الكامل لبنود بيان جنيف. التحدّي الأكبر كان ضبط النفس وعدم السماح لوفد النظام بجرّ المفاوضات والطروحات لقضايا جانبيّة، لإضاعة الوقت. أمّا الإخفاقات فقد كانت عدم تجاوب وفد النظام مع طروحات القضايا الإنسانيّة والتي اقترح الوسيط المشترك الابراهيميّ تخصيص أوّل جلستين لها ووافقنا على ذلك وفعليّاً تعاطى وفد النظام بكلّ استهتار مع هذه القضايا ممّا أثبت عدم تعاونه فيها وعقم الاستمرار بالتفاوض حولها. بالتالي انتقل التفاوض حول القضايا السياسيّة والتي أخذت باقي أيّام الجولة الأولى، لحين انتزاع اعتراف النظام بأنّ العمليّة التفاوضيّة محصورة بسبل تطبيق بيان جنيف. في الجولة الأولى كانت خطّة الوسيط هي عدم وضع جدول أعمال وفي كلّ يوم يطرح المواضيع التي ستناقش في اليوم التالي، والآن نستطيع أن نرى أنّه كان محقّاً لأنّ وفد النظام سيحاول إضاعة الوقت بمناقشة جدول الأعمال وترتيبه عوضاً عن جوهر قضاياه. ولكن وبنهاية جلسات الجولة الأولى تمّ الاتّفاق على أن يرسل السيّد الإبراهيميّ للوفدين جدول أعمال للجولة الثانية من التفاوض، وبالتالي تمّ التأسيس لتكون الجولة الثانية محدّدة المواضيع ومن جوهر بنود بيان جنيف.

ـ هل لنا أن نعرف كيف سارت المفاوضات في الجولة الثانية؟

قام الممثّل المشترك والوسيط بإرسال جدول الأعمال المقترح قبل بدء الجولة الثانية بأيّام، وحصر المواضيع التفاوضيّة لهذه الجولة بأربعة، وبدأ وفد النظام بإضاعة الوقت بمناقشة كلّ كلمة فيها واستمرّ بمحاولة المطالبة بإصدار بيانات جانبيّة لا علاقة لها بموضوع المؤتمر ،وكان موقفنا الدائم هو رفض إصدار أيّ بيان عدا بيان واحد في آخر المؤتمر يعلن نجاحه أو فشله. بعد إنهاء مناقشة البنود الأربعة المقترحة كجدول أعمال أصرّينا على أن يكون أوّل موضوع للتفاوض هو حول عمليّة الانتقال السياسيّ وتشكيل هيئة الحكم الانتقاليّة، لعدّة أسباب منها أنّ هيئة الحكم الانتقاليّة هي الجهة والوسيلة المناط بها تطبيق بنود بيان جنيف بما فيها وقف العنف وأنّه لا يمكن وقف العنف دون الوصول الى اتّفاق حول عمليّة الانتقال السياسيّ وتوحيد تعريف القوى “الخارجة عن القانون” فالوفدين لا يمكنهما الاتّفاق حول تعريف هذه القوى، فالواقع يقول إنّ النظام يمارس إرهاب الدولة ويستقدم المليشيات الإقليميّة التي تساهم بقتل أهلنا، فهي بنظرنا تنظيمات تمارس الإرهاب على أبناء شعبنا، بينما في نظر النظام هذه المليشيات حليفة وقوى صديقة له، لا بل حتّى أنّ وفد النظام ينعتنا بين الحين والأخر بأنّنا نحن إرهابييّن، بالتالي حين نتوصّل إلى اتّفاق حول خارطة طريق وأسس عمليّة الانتقال السياسّي وتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقاليّة المناط بها تنفيذ كلّ ما ينتج عن مؤتمر جنيف 2 نكون فعلياً أوجدنا فريقاً واحداً يناط به المضيّ بسوريا نحو برّ السلام عبر تنفيذ بنود بيان جنيف 30-6-2012 كاملة، لكنّ وفد النظام وبعد حصره في الزاوية أصرّ على أن يكون البند الأوّل الذي يُبحث هو موضوع وقف العنف والحرب على الإرهاب، وأنّ لا يتمّ الانتقال لبحث موضوع الانتقال السياسيّ قبل الوصول لاتّفاق حوله. وهذا مستحيل نظراً لترابط الموضوعين معاً ولا يمكن الاتّفاق حول وقف العنف والحرب على الإرهاب، دون التوافق أصلاً على موضوع الانتقال السياسيّ، وهذا ما لحظه وأشار اليه قرار مجلس الأمن رقم 2118 ورسالة الدعوة إلى مؤتمر جنيف التي وجهها الأمين العامّ للأمم المتّحدة. وعلى الرغم من ذلك فقد حدّد الوسيط جلسة اليوم التالي لبحث موضوع العنف والحرب على الإرهاب (مسايرة لوفد النظام) وعلى أن يبحث في اليوم الذي يليه موضوع الانتقال السياسيّ وتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية. في اليوم التالي جاء وفد النظام وفي نيّته الاستمرار ببحث جدول الأعمال وبالتالي لم يملك أيّة ورقة حول وقف العنف ومحاربة الإرهاب وعلى الرغم من إعطاء الوسيط الدور الأوّل للكلام لوفد النظام، ونظراً لعدم وجود ورقة لديه استمرّ بمناقشة جدول الأعمال وبعد انتهاء مداخلته، أعطي الدور لوفدنا الذي تقدّم بورقة متكاملة تظهر دور عنف الدولة المفرط ولاسيّما عبر استهداف المناطق المدنيّة واستخدام أسلوب “التجويع أو الاستسلام” وقيام النظام بارتكاب جرائم الحرب واستقدام المليشيات الأجنبيّة التي تمارس إرهابها على شعبنا، وعن رؤيتنا لوقف العنف ومحاربة الإرهاب، وأسّ هذه الرؤية أولويّة الاتّفاق على عمليّة الانتقال السياسيّ وتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقاليّة. فما كان من وفد النظام إلّا بالردّ عبر قوله: “بأنّه يحتفظ بالحقّ بالردّ” وأنّه مازال مصراً على رأيه بأولويّة ترتيب بنود التفاوض، وانتهت جلسة ذلك اليوم. في اليوم التالي افتتح الجلسة السيّد الإبراهيميّ وأعلن أنّ موضوع النقاش هو الانتقال السياسّي وتشكيل هيئة الحكم الانتقاليّ، فسارع وفد النظام إلى الاعتراض ولكن الوسيط أخبرهم بأنّ يوم الأمس كان لبحث موضوع وقف العنف ومحاربة الإرهاب وفق الاتفاق وهم لم يتقدّموا بشيء وبالتالي اليوم يتمّ المضيّ وفق المتّفق عليه لتلك الجلسة، ووفق الأصول كان الدور لنا بالكلام أوّلاً فتقدّمنا بأهمّ وثيقة وهي “المبادئ الأساسيّة لاتّفاق التسوية السياسيّة لمؤتمر جنيف للسلام في سورية” وهي تحتوي على خارطة طريق متكاملة ومتوازنة ومبادئ أساسيّة تضمن تحقيق الأمن والسلام والانتقال السياسيّ وتفضي إلى تمكين الشعب من إعادة صياغة دستوره واختيار قياداته. بعد انتهائنا من ذلك أشار الوسيط إلى أنّ هذه الوثيقة هامّة وفيها الكثير من العناصر الإيجابيّة التي يقتضي على الوفد الأخر دراستها والردّ عليها. ردّ وفد النظام بالقول “إنّنا لم نستمع لما قاله الطرف الأخر” وأنّ ما حدث مخالفة لأصول الجلسات وأنّه لم يوافق على طرح هذا الموضوع. وختم الوسيط الجلسة معلناً أنّ الجلسة الأخيرة في اليوم التالي ستخصّص للكلمات الأخيرة للوفود ولملخّص عمّا تمّ التوصّل إليه والاتّفاق على جدول الأعمال المقترح، وعلى الوفدين التفكير مليّاً في مواقفهما من حيث الاستمرار أو التوقّف.

في اليوم التالي افتتح الوسيط الجلسة معبراً عن خيبة أمله وأسفه لما وصلت إليه الأمور والعجز عن تقديم ما يخدم ويخفّف معاناة الشعب السوريّ، وسأل أوّلاً وفد النظام عن موقفه وقراره، وأعرب كبير مفاوضيهم عن تمسّكه بموقفهم، ثمّ توجّه بالسؤال لنا فأعربت عن تمسّكنا بموقفنا أيضاً من حيث تسلسل بحث جدول الأعمال. حينها اقترح الممثّل المشترك والوسيط كحلّ وسط ومنطقيّ أنّ يتمّ بحث البندين معاً بالتوازي والتوالي وأقرّ اعتماد مبدأ “لا اتّفاق إلى أن يتمّ الاتفاق على كلّ البنود”، من قبلنا وافقنا على هذه التسوية المقترحة، لكنّ وفد النظام أصرّ على رفضه بحث الموضوعين بالتوازي والتوالي ممّا اضطرّ الوسيط ألّا يحدّد موعداً للجلسة الثالثة، وأشار إلى أنّه سيتقدّم بتقريره لمجلس الأمن ومن ثمّ سيقرّر إن كان هناك جدوى من تحديد موعد للجولة الثالثة.

ـ بعد هذا الاستعراض، كيف تنظرون كوفد إلى دور وأداء المبعوث الأمميّ السيّد الأخضر الإبراهيميّ.؟

من واقع المسؤوليّة التاريخيّة، السيّد الأخضر الإبراهيميّ قام بأداء دوره كوسيط نزيه وعادل ومسؤول، فهو لم يكن منحازاً لطرف على حساب طرف أخر لكنّه دائماً كان يضع نصب عينيه الدماء التي تسفك في سوريا ومسؤوليّته في ذلك إن سمح بالتسويف وإضاعة الوقت دون وجود مفاوضات جادّة، ممّا سيجعله يستخدم كوسيلة لكسب الوقت واستمرار القتل، وكان حازماً في رفضه الاستمرار دون وجود ما يثبت جدية النظام في قبوله بالتفاوض على القضايا الأساسيّة.

ـ كيف تنظرون إلى مواقف الدول الراعية للمؤتمر وتبدّلاتها.؟

من حيث المواقف الدوليّة، كان وفدنا منفتحاً على الجميع وكنّا نطلعهم على سير العملية التفاوضيّة والعقبات التي تواجهها، وعقدنا عدّة لقاءات مع كلٍ من الراعييَّن الأساسييَّن روسيا والولايات المتّحدة الأمريكيّة، ومع ممثليّ باقي الدول، كانت هذه اللقاءات شبه يوميّة، حتّى أنّنا التقينا مع ممثليّ الصين في جنيف. الجميع كان يصرّح بضرورة الوصول إلى حلّ سياسيّ، وأنّه لا حلّ أخر والجميع مهتمّ باستمرار المفاوضات، لكن للأسف فإنّ روسيا لم تكن جادّة في الضغط على النظام بما يكفي لتجعله يتعامل بجدّية مع القضايا الأساسيّة بينما نحن تعاملنا مع عملية التفاوض بكلّ إيجابيّة وحسّ بالمسؤوليّة الوطنيّة ممّا أحرج حتّى الدول الصديقة للشعب السوريّ واضطرّها للاعتراف بأنّ وفد المعارضة قد قام بواجبه الوطنيّ كاملاً وكان منفتحاً، وبالتالي لم يكن لها إلّا أن تقف مساندة للموقف الذي اتّخذناه ومن مبادرتنا بتقديم وثيقة المبادئ الأساسيّة للتسوية السياسيّة. وكان جليّاً أنّه لا يوجد توافق بين الدولتين الراعيتين على ماهيّة الحلّ السياسيّ وأنّ روسيا ما زالت تعتبر نفسها حليفاً للنظام، ولا ترى مصلحة لها في الضغط عليه دون مقابل من قبل الراعي الأخر.

ـ هل تمّ إعداد استراتيجيّة تفاوضيّة واضحة من قبل وفد المعارضة، سيّما وكلّنا يعلم أنّ قرار المشاركة بقي معلّقاً حتّى الأيّام الأخيرة قبل بدئها بالفعل.

منذ بدايات طرح احتمال انعقاد مؤتمر جنيف تمّ القرار في الهيئة السياسيّة للائتلاف على فصل عمليّة الإعداد والتحضير لمؤتمر جنيف، عن قرار المشاركة به من عدمها وشكّلت لجنة مسؤولة عن التحضير والمتابعة، قامت بمهامها بشكل كامل، نعم وضعت استراتيجيّة تفاوضيّة متكاملة مع خطط لتنفيذها وفق عدّة احتمالات تفاوضيّة قد يتبعها الطرف الأخر، عنوانها العريض هو التعاطي الجدّي والايجابيّ مع المؤتمر وأخذ زمام المبادرة دائماً لكافّة المواضيع التي سيتمّ بحثها والوصول لنتائج سواءً كانت إيجابيّة أو سلبيّة بأسرع وقت ممكن بحيث تنكشف نوايا النظام بشكل مؤكّد وواضح للمجتمع الدولي. وعلى ما أظن أنّ النتائج تتكلّم عن نفسها. من المؤسف أنّ النظام لم يرقَ لمستوى المسؤوليّة الوطنيّة وأصرّ على مُضيّه بالحلّ العسكريّ ولم يمنح للحلّ السياسيّ والسلميّ فرصة، بل الأحرى القول بأنّه لا يؤمن بمثل ذلك الحلّ. وبالتالي وضعنا المجتمع الدوليّ أمام مسؤوليّة الإجابة عن السؤال “ماذا بعد جنيف؟”.

ـ وهذا يقودنا لتساؤل آخر، هل تَعتبر الوفد المفاوض للمعارضة، معبّراً حقيقة عن كافّة تشكيلات المعارضة، بعد التصريحات العديدة للقوى السياسيّة؟.

نعم، أعتبره ليس ممثّلاً لكافّة تشكيلات المعارضة، وإنمّا ممثّلاً للشعب السوريّ وضميره، إنّ شرعيّة التمثيل تكمن في مدى شرعيّة الرؤية والمبادئ الأساسيّة للتسوية السياسيّة التي قُدّمت من قبلنا، ومدى توافقها مع أهداف الثورة والحقوق المشروعة للشعب السوريّ ومدى التزامنا بها. هذه الرؤية قُدّمت أثناء المؤتمر وأُرسلت نسخ منها لكلّ البعثات الدبلوماسيّة ووكالات الأنباء، كلّ شيء كان على العلن، هذه الرؤية تضمن قيام دولة المواطنة، والتساوي في الحقوق والواجبات، وتمكّن الشعب، كلّ الشعب من إعادة صياغة دستوره واختيار قياداته ومحاسبتهم وعزلهم إن قصروا، والحكم فيها لصندوق الاقتراع لا السلاح، دولة ديمقراطيّة تعدّديّة تضمن وتحمي حرّيّات وكرامات مواطنيها دون تمييز أو تميّز، تضمن استمراريّة خدمات الدولة ومؤسّساتها ومصادر رزق مواطنيها. وتطلق مشروعاً وطنيّاً للمحاسبة والمصالحة على أسس العدل والقانون. هل يوجد هناك أيّ مواطن سوريّ ضدّ ما تقدمنا به. إنّ قوّة وفدنا كان أساسها الالتفاف والتأييد الشعبيّ الجامع له ومن كافّة الأطياف، فكانوا داعمين ورقباء على أدائنا وناصحين لنا. حتّى من تخوّف من جنيف وأبدى معارضته المشاركة به، قام لاحقاً إعلان تأييده لوفدنا ولمواقفنا وببيانات علنيّة نشرت بمن فيهم المجلس الوطنيّ والأخوة الذين أعلنوا انسحابهم من الائتلاف. وها أنتم اليوم تسمعون برجوعهم عن قرارات الانسحاب، وأتفهّم موقفهم السابق كما أحيّي قرارهم اللاحق. أمّا من حيث موقف هيئة التنسيق، فنحن لم نكن منغلقين عليهم وعقد الائتلاف جلستي تشاور معهم وكان هناك عدم توافق حول شروطهم التي وضعوها للمشاركة كما أنّ سقف المطالب السياسيّة لم يكن متوافقاً معنا. بالنتيجة أقول: الأهمية ليست في من يشارك بل في ماهيّة الهدف النهائيّ الذي نتطلّع للوصول إليه.

ـ سؤال أخير: لغط كبير دار في أروقة المفاوضات بين إصراركم على مفهوم هيئة الحكم الانتقاليّ كاملة الصلاحيّات، وصدور أصوات تتحدّث عن حكومة انتقاليّة، هل لك أن تحدّثنا عن الفارق بين المسألتين ووجهة نظركم في ذلك.؟

هذه قضيّة أساسيّة، فإنّ بيان جنيف حدّد تشكيل هيئة حاكمة انتقاليّة بصلاحيّات تنفيذيّة كاملة. ولم يورد عبارة حكومة انتقاليّة. الفارق الأساسيّ هو أنّ الحكومة دائماً يكون فوقها سلطة تنفيذية أعلى منها وإن فسّرنا معنى تعبير “سلطات تنفيذيّة كاملة” وفق دستور النظام الحاليّ فنجدها تحت الفصل الثاني منه وتنقسم بين سلطات رئيس الجمهوريّة وسلطات مجلس الوزراء، حيث تقول في المادّة الثالثة والثمانون “يمارس رئيس الجمهوريّة ومجلس الوزراء السلطة التنفيذيّة نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور.” وبالتالي اقتصار الحلّ على حكومة انتقاليّة يعطي جزءاً من السلطات التنفيذيّة ولا يعطيها كاملةً، ممّا يخالف بيان جنيف (1) 30-6-2012.

هوامش: حسب ترتيب الأسئلة

في الجولة الأولى نجحنا بانتزاع الاعتراف الرسميّ من وفد النظام بأنّ الغاية الوحيدة للمؤتمر هي بحث وسائل تطبيق بيان جنيف 30-6-2012 وأنه يُعتَبر المرجعيّة الوحيدة للمؤتمر.

أسّ رؤيتنا أولويّة الاتّفاق على عمليّة الانتقال السياسّي وتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقاليّة. وفد النظام ردّ عبر قوله: “بأنّه يحتفظ بالحقّ بالردّ”

السيّد الأخضر الإبراهيميّ قام بأداء دوره كوسيط نزيه وعادل ومسؤول، فهو لم يكن منحازاً لطرف على حساب طرف أخر.

روسيا لم تكن جادة في الضغط على النظام بما يكفي لتجعله يتعامل بجديّة مع القضايا الأساسيّة بينما نحن تعاملنا مع عملية التفاوض بكلّ إيجابيّة وحسّ بالمسؤوليّة الوطنيّة.

وفد المعارضة ليس ممثلاً لكافة تشكيلات المعارضة، وإنما ممثلاً للشعب السوري وضميره.

اقتصار الحل على حكومة انتقالية يعطي جزءً من السلطات التنفيذية ولا يعطيها كاملةً.

من الضروري تقديم هذه الزاوية بشكل واضح ومستقل

هادي البحرة..

المهندس هادي البحرة، من عائلة دمشقية عريقة، وُلد في دمشق عام 1959.

قرر الذهاب باتجاه التخصص في إدارة المشاريع الكبرى، بدءً من دراسته في الولايات المتحدة الأميركية للحصول على البكالوريوس في الهندسة الصناعية ونظم إدارة المعلومات، من جامعة ويتشيتا الحكومية في ولاية كنساس، ليستقر بعدها في السعودية مديراً لمشافي جدة ومؤسساتها الكبرى، ويعمل كمدير تنفيذي في مجال تطوير المراكز التجارية، قبل أن يؤسس شركة عالمية للمعارض، ثم شركة رائدة متخصصة بتصميم وتطوير البرامج ثلاثية الأبعاد، وفي فبراير من العام 2011 كتب هادي البحرة مقالاً بعنوان “قيادات التغيير أو تغيير القيادات” ناصحاً النظام السوري وقيادته بضرورة إدارة عملية التغيير والإصلاح أو ستجد نفسها أمام مطالبة الشعب بتغييرها، وقام بزيارة دمشق في أبريل 2011 وبذل جهداً لإطلاق عملية حوار وطني.

عند طرح توسعة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة صار عضواً في الائتلاف، وتم انتخابه عضواً في الهيئة السياسية حيث انتخب بالإجماع أمين سر لها، ومؤخراً تم اختيار هادي البحرة كبيراً للمفاوضين السوريين في جولتي المفاوضات التي جرت في جنيف.