The Meccan Rebellion: The Story of Juhayman al-'Utaybi … (original) (raw)

انتهيت من قراءة كتاب (حتى لا يعود جهيمان) هو في الأصل كتاب مشترك ما بين ستيفان لا كروا (صاحب كتاب: زمن الصحوة) وتوماس هيغهامر (صاحب كتاب: قصة الجهاد في السعودية) فحددوا جهدهم لدراسة تيار أو فئة كانت على ضفاف دراسته�� فلا هم الى الجهاديين ولا الى الصحويين وهم جماعة جهيمان.

أتى حمد العيسى وترجم الكتاب وأضاف إليه الكثير بل غير اسمه حتى، فكان اسمه (تمرد مكة: قراءة جديدة لقصة جهيمان العتيبي) فوقع في أول أخطاء الباحث وهو عدم الحيادية فقال (حتى لا يعود جهيمان)، فتخيل أن ستيفان لاكروا وتوماس هيهغامر في الأصل يعملان في وزارات الدفاع أو في الوزارات الأمنية كمستشارين، أي أنهم في الخط الأول في محاربة الإسلاميين، ومع ذلك بالكاد تجد لهم تحيزاً واضحاً في أبحاثهم ضد من يكتبون عنهم!

وعدم حيادية الباحث –الظاهرية- لم تقتصر على العنوان فتجده في أبهى حلة داخل الكتاب في غيرما موضع؛ ولعل سبب ذلك أن الباحث العربي لا يشعر بالامان، وهذا ما أضطر حمد العيسى أن يكتب تنبيه في مقدمة الكتاب، يقول فيه: (من لزوم ما لا يلزم إلا في بلاد العرب عامة والسعودية تحديداً ... هو أن نشير إلى حقيق بديهية وهي أن ترجمة هذه المادة وغيرها لا تعني بالضرورة الاتفاق مع محتوياتها من مصطلحات وأوصاف وتحليلات واستنتساجات وأراء ومقترحات ... وباختصار فإن دول المترجم هنا هو فقط نقل المعرفة من اللغة الانجليزية الى العربية)، والسبب كما يبدو أن الحكومات اذا ترجمت عن من عارضها دون أن تذمه فقد يُفهم أنك مؤيد له! وهذا ما يجل بعض الباحثين العرب يكثرون النقد بغير موجب في ترجماتهم أو في أبحاثهم ليبرؤوا ذمتهم ولكي لا يُساء فهمهم!!!!

المهم أن حمد العيسى أضاف فصلين وهما لـجوزيف كيشيشيان ورينية فان ديمن، الفصول الأولى عمومًا، تدرس حالة الحركة من جهة موضوعية نوعاً ما، فمن خلال العمل الميداني استطع هؤلاء الباحثين أن ينقلوا شهادات من كانوا في جماعة جهيمان ليحلوا الاحجية ويسدوا الفراغات (وإن كنت أظن أن شهادة الحزيمي في كتابه: "أيام مع جهيمان" قد سدت الكثير).

في الفصل الأول (التمرد المكي) ذكرا المؤلفين قصة تشكل ما يسمى بالجماعة السلفية المحتسبة وتوجهاتهم ومصادماتهم، وبعض أفعالهم هي انعكاس لازم لتوجهاتهم، فمثلًا تكسير الصور يدل على تحرميهم للصور وهكذا، فقد بدأت هذه الجماعة برعاية من المشايخ الرسمين الى أن حصلت المصادمة بين الشباب والمشايخ مما أدى هذا الى الانشقاق في سنة 1977 أي: قبل سنتين من حادثة الحرم وتكون جماعة لا تخضع لتوجهات المشايخ الرسميين. فالخلاصة أن هذه الجماعة لم تكن بدايتها كنهايتها، بل تطورت مع الوقت وهذه التطورات والقفزات أحدث انشقاقات فيها؛ وآخرها تبني المهدوية فقد أنشق عنهم من كان يؤمن بأفكارهم بالجملة ثم فارقهم لهذا الموضوع وهذا في الأغلب الأعم، وهذا لا يعني أن كل من واصل معهم مع النهاية مؤمن بهذه الفكرة، فقد حكى الحزيمي أن فيصل قد دخل مع جهيمان في حادثة الحرم من باب النخوة فقط!

ثم تكلما المؤلفين عن إرث جهيمان فقالا:

(الشخص الأكثر أهمية من خلفاء جهيمان فكرياً هو أبو محمد المقدسي .... كتابات المقدسي كانت متأثرة بشدة بأيدلوجية جهيمان ... ولكن المقدسي كان أكثر راديكالية وتطرفاً من جهيمان في العديد من القضايا .... أبو محمد المقدسي لم يبقى مع الجماعة السلفية المحتسبة لمدة طويلة لأنه كان يجادلهم حول قضية التكفير).

وأظن أن هذا القول فيه مبالغة وعدم دقة في ضبط الألفاظ؛ فالمقدسي يختلف منهجياً مع جهيمان في قضايا التكفير وما يتفرع عنها؛ كما أنه لم يكن قيادياً في جماعة جهيمان، فكيف يكون أبرز خلفائه؟! وهو لفظ يليق بمن مشى على منهج جهيمان حذو القذة بالقذة و��ان قيادياً بارزاً في الجماعة! فهذه صفات من يليق أن يكون خيفة لجهيمان.

فالخليفة الفكري لا يخالف من يَخلفه في قضايا جوهرية! تتعلق بالأسماء والأحكام (كقضايا التكفير وما يتفرع عنها)، والمؤلفين قد كتبا كتابهم في سنة 2006 أي أثناء كتابتهم لرسالة الدكتوراة وقبل صدور سلسلة (ولكن كونوا ربانيين) في سنة 2009 وهي سيرة ذاتية للمقدسي ذكر فيها محطاته التاريخية، ومن بينها الانضمام الى جماعة جهيمان في الكويت. وترى أنه تبنى الأفكار التي هو عليها ليس قبل أن يدخل الجهاد الأفغاني ويحتك مع الجهاديين؛ بل من خلال مطالعات شخصية، أدت في النهاية الى ترك جماعة جهيمان –فرع الكويت-، والمقدسي من خلال هذه السلسلة أظهر أن تأثره بالدعوة النجدية كان أكثر من جماعة جهيمان في قضايا مثل الجيوش والبرلمانات والحكام والجهاد. وأظن أن الخلفاء الحقيقين لجماعة جهيمان هم إخوان بريدة، أصحاب بيت شبرا؛ وقد تكلما المؤلفين عنهم واستطردا. ويصح القول أن التأثر في جماعة جهيمان –دون المهداوية- كبداية قد يؤدي الى سلوك المنهج الجهادي في النهاية، وهذا قول معقول. مع ضرورة التفريق بين التوجهين.

ثم وضع المحرر هامش وشكك في نسب المقدسي! أي يَدعي المقدسي أنه من من الروقة في عتيبة، فقال: (وهذه المرونة في تفير الإسم قد تدعوا لوضع علامة استفهام في نسبته لعتيبه)!

وهذه ليست حُجّة، ولو أطردنا بها، لشككنا في نسب كل شخص قد غيّر أسمه!

ثم أتى دور الملاحق وهي جهود مكملة لهذه الأبحاث، فكان الملحق الأول هو نقل للرواية الرسمية وهي مقابلات مطولة مع ولي العهد آنذاك فهد آل سعود ووزير الداخلية نايف آل سعود، وهي مقابلات مهمة، ولكن يبدو أن المحرر وقع في خطأ فني، وهو عدم الاقتصار على الشاهد، فمثلًا مقابلة ولي العهد فهد حوت مواضيع متعددة فضلًا أنها مطولة جداً (المقابلات الثالثت جاوزت الـ100 صفحة) فك��ن ولي العهد يتكلم عن القضية الفلسطينية وتطبيع مصر والسادات مع إسرائيل وأسعار النفط إلخ ... كل هذا لا يحتاجه القارئ في موضوع الكتاب!

فكان أولى من المؤلف أن يحصر المقابلة على الشاهد المطلوب (الكلام عن جهيمان) ويزيل البقية. حتى لا يُعتبر أن هذا حشوًا.

ولكن لفت انتباهي كلام وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز آل سعود حول نسب المهدي المزعوم فقال: (محمد بن عبد الله هذا ليس قرشيَّا، بل هو من أصل تركي حتى إن الناس يطلقون على أسرته لقب التركي حتى يومنا هذا، وهو قحطاني بالحلف لأن أجداده ساكنوا قحطان في بلدة واحدة وأسمها "أحد-رفيدة" قرب "خميس مشيط" في الجنوب؛ ولانهم انزعجوا من لقبه التركي؛ فقد أعطوه صفة أو اسم القحطاني نسبة الى القبيلة التي عاشوا في كنفها).

ثم أفرد ملحقاً بعد هذه الشهادة الرسمية وهي (قصيدة منسوبة لجهيمان) ولكن المحرر عرضها مجردة هكذا، ولم يبن عن مصدره ومن قال أنها لجهيمان، أي لم يعطي القارئ ولا المستقصي خيطاً يقصوده الى التوثق من هذا الكلام!

الفصل الذي يليه وهو كلام من تكلم سابقاً عن جهيمان في الكتاب الغربيين، وجاءت شهادات بعضهم قصيرة أي أن المؤلف وضع بيت الشاهد من فقرة وردت في كتب هؤلاء الغربيين، ولم يترجم فصولًا بأكملها!

أوردت شهادة الباحثة الأمريكية ساندرا ماكي التي قالت في كتابها عن السعودية (بعد شهرين من إنهاء التمرد، قال لي الشيخ عبد العزيز التويجري، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد، إن الأسلحة، التي أستعملتها جماعة جهيمان جاءت مباشرة من مخازن الحرس الوطني، ونقفلت في قوافل من شاحنات الحرس الوطني!)

أما شهادة الباحث الأمريكي تروفيموف في كتابه (حصار مكة) فقد أكد على هذا المصدر السابق، ونقل مواضيع متعددة من كتاب تروفيموف المذكور، منها (مقتل أمريكان سود في صفوف جماعة جهيمان) و (دور ابن باز) والملفت حسب شهادة تروفيموف أن جماعة جهيمان أرسلت مبعوثاً الى ابن باز من أجل موضوع المهدي، ومع ذلك (اختار ابن باز أن لا يبلغ السلطات عن هذه المحادثة المقلقة)، والملفت أكثر هو كلام تروفيموف عن دور الضباط القوة الخاصة الذين قدموا من فرنسا الى السعودية من أجل المساهمة في إنهاء الحصار، يذكر تروفيموف (أقامت الفرقة في الطائف وقام ضباط سعوديون باستخدام خرائط الحرم لشرح الأزمة ... أقترح الكابتون بول باريل أن يشرف على تنفيذ العملية بنفسه لأن قصر الإليزيه أكد عليه بضرورة نجاح المهمة مهما كانت الظروف. وبعد مناقشة مع الضباط السعوديين، أعلن عن استعداده لاعتناق الإسلام حتى يدخل مكة، ولكن لم يُسمح له بذلك، وبقي في الطائف مع زميله). لا شك أن هذا الكلام يتناقض مع شهداتهما في وثائقي قناة الجزيرة (ما خفي أعظم) والذي ذكرا فيه دخولهم الى الحرم نفسه!

مع العلم أن الباحث الأمريكي تروفيموف كما يقول المحرر (حصل على فيزا لدخول السعودية من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض لتنفيذ هذه الدراسة، وسمح له بمقابلة العديد من الشهود على حادثة الحرم المكي ليكتب القصة شبه الكاملة في كتابه المذكور)، والأبحاث الانثروبولوجية في السعودية والتي تحتاج الى تقصي وبحث ومقابلات لا يتمم إلا من خلال موافقة الحكومة السعودية، ويبدو أن حظ الأجانب أفضل من حظ العرب أو السعوديين نفسهم، كما أشتكى من ذلك المحرر في موضع آخر من الكتاب! فيقول بعدما ذكر أسماء الباحثين الغربيين الذين درسوا حادثة الحرم وأنهم (حصلوا على تسهيلات من حيث مقابلة الشهود ومراجعة الأرشيفات وغيرها من أمور، نلاحظ أنهم للأسف أجانب وصغار السن. وهذا أمر يدعوا للاستغراب لأن الوطن مليء بالكفاءات التي تستتطيع تنفيذ مثل هذا البحث بسهولة لو حصلوا على الفرصة نفسها وهم في رأيي أولى بل أقدر من هؤلاء الأجانب).

زد الى ذلك أن الباحث عندما يتناول مواضيع شائكة لابد أن يبرهن على عدم حياديته في كل مرة تتاح له، ولابد يدرج تعليقاته على متن الكتاب، بلعن والتشكيك والتقريع لخصوم الحكومة! وهذا تجده في هذا الكتاب، وفي الطبعة الأخيرة سوف تجد أنه وضح توضيح -يبدو أنه أُضطر إليه- أن نقل هذا المحتوى لا يعني تأيده والموافقة عليه!

فلذلك الباحث العربي العامل تحت ظل الأزمة يعيش في ظروف بائسة تجعل بحثه غير نزيه ولا حيادي ومنحاز بتكلّف.
أما الملحق الأهم هو برقيات السفارة الأمريكية، وهي برقيات مهمة جداً؛ تعطيك بالتفصيل سير الأحداث وماذا حصل اليوم ومالذي تغير عن أمس، والملفت للانتباه أن الوثائق تنص على وجود طيار أمريكي يحلق بشكل منتظم فوق الحرم المكي وبشكل شبه يومي فيعطهم تحديث للوقائع ومدى الأضرار، وكانت هذه الرسائل في غالبيتها من السفارة الأمريكية في جدة الى وزارة الخارجية وأحياناً العكس، وهذه الوثائق تعطيك اجابة نموذجية لتسائل قد يطرأ في ذهن القارئ والذي يقيم أحداث الأمس بعين اليوم، (لماذا لم يفعل كذا في هذا الظرف؟ ولماذا حصل كذا؟) الحقيقة أن ما كان واضح لنا اليوم لم يكن كذلك عند وقوع الحدث، وكثرت الشائعات وكثرت الاحتمالات فالكثير من الأمور التي وجب الأخذ بها لم يؤخذ بها؛ لأن الرؤية غير واضحة!

ومصدر هذه البريقات يكون جهد ذاتي قامت به القنصلية أو وزراء أو أفراد من العائلة الحاكمة أو المرتبطين بهم.

من الملفت ما جاء في الوثائق الأمريكية أن صحيفة القبس الكويتية في وسط حومة حصار الحرم نسبت تصريحاً للخارجية الأمريكية، فعلقت السفارة على هذا: (في هذا الوقت لا ننوي أن نرفع من قدر صحيفة القبس بإعلان النفي من هنا).

أحياناً بعض الجهات تقتات لتحصل على رد منك عليها والرد عليها هو إعلاء من شأنها، فالتجاهل والنفي بطرق غير مباشرة أفضل وسيلة. هذا مما يستفاد من حادثة السفارة الأمريكية والصحيفة الكويتية.

وفي الصحافة أيضًا يحكي السفير الأمريكي آثرتون أنه ألتقى بنائب الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك وقال له هذا الأخير أنه علم بأن صحيفة الأهرام كانت تخطط ليكون عنوانها الرئيس عن الاضطرابات في خمس مدن سعودية ولكنه منع تلك الخطة. وهذا غيض من فيض في الدلالة على عدم استقلالية الصحافة في بلادنا، وقارن بما ذكره جورج بوش في مذكراته: قرارت مصيرية (ص238) لما قال:

(درست التايمز إمكانية نشر قصة تفضح برنامج مكافحة الإرهابيين. طلبت من ناشر الصحيفة آثر سولزبيرغر ومحررها بيل كيلر المجيء لمقابلتي في 2005/12/5. كان طلباً نادراً، وأنا قدرّت استعدادهما للتحدث وجهاً، وجلسنا قرب موقد تدفئة تحت صورة لجورج واشنطن. قلت لهما إن الأمة لا تزال في خطر وإن صحيفتهما على وشك زيادة هذا الخطر من خلال الكشف عن برانمج مكافحة الإرهابيين بطريقة يمكن أن تنبه أعداءنا. ثم أذنت للجنرل هايدن أن يطلعهما على البرنامج. نظرت الى سولزبيرغر وحثثته بقوة على حجب لقصة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، فقال إنه يسدريس طلبي. بعد عشر أيام اتصل بيل كيلر بستيف ليقول إن التايمز سنتشر القصة. فقد نشروا القصة على موقعهم على الإنترنيت قبل اتصال كلير) أهـ.

وفي هذه الوثائق أسماء الدول العربية التي عرضت الدعم للحكومة السعودية مثل الأردن والمغرب ودول الخليج، وموقف مصر والتي آنذاك كانت على خلاف مع الدول العربية على إثر اتفاقية كامب ديفد.

وختم المؤلف كتابه بعرض بعض المعلقين عليه في بعض المواقع والصحف.

ومن أراد أن يشتري كتابه فليتريث لأنه قال في آخر صفحة من الكتاب (ترقبوا في الطبعة الخامسة الاضافات التالية: - حوارات ووثائقيات مهمة مع الأمراء عبد الله وسلطان ونايف، ومع وزير الإعلام محمد عبده يماني).

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.