Mohammad Aburumman | University of Jordan (original) (raw)
Uploads
Papers by Mohammad Aburumman
سوسيولوجيا التطرف والإرهاب في الأردن, 2018
جغرافيا التطرف؛ صدمات ومُفاجَأت : خلال الرصد الميداني والتحليل الكميّ الذي قام به المؤلفان, جاء ا... more جغرافيا التطرف؛ صدمات ومُفاجَأت :
خلال الرصد الميداني والتحليل الكميّ الذي قام به المؤلفان, جاء التوزيع الجغرافيّ لخارطة التطرف وأماكن تواجدهم – أي المتطرّفين - في الأردن على هذا النحو :
1- محافظة الزرقاء ( الرصفية ومخيم شنلر ) ما نسبته ( 40.7%)
2- محافظة إربد ( مخيم إربد ) ما نسبته ( 17.4% )
3- مدينة البلقاء ما نسبته 13%
4- العاصمة عمّان ما نسبته 12%
5- محافظة معان ما نسبته ( 9.3% )
6- محافظة الكرك ما نسبته ( 4.9% )
7- باقي المملكة ما نسبته ( 2% )
رغم من تنامي الاهتمام لدى المسؤولين والسياسيين بموضوع مكافحة التطرف وما يسمى "التطرف العنيف"، وبا... more رغم من تنامي الاهتمام لدى المسؤولين والسياسيين بموضوع مكافحة التطرف وما يسمى "التطرف العنيف"، وبالرغم كذلك من الخطط الحكومية والرسمية وعشرات الندوات والمؤتمرات المعقودة في السياق نفسه، فإنّنا ما نزال في إطار حالة من الضبابية وغياب الوضوح، وربما بعبارة أدق "العمى السياسي" في التعامل مع هذا الملف؛ سواء على صعيد إدراك أبعاده وحجمه بصورة دقيقة أو المسار البديل، أي مكافحته ومواجهته بالاستراتيجيات والديناميكيات المناسبة!
الشرط الرئيس لإنضاج الرؤية الاستراتيجية لمواجهة "الداعشية" والتطرف، يتمثّل في تعريف الظاهرة نفسها، وتحديد حجمها بصورة دقيقة، وأبعادها والمتغيرات الرئيسة المرتبطة بها. بمعنى؛ كم العدد الدقيق لمن انضموا فعلياً إلى تلك التنظيمات؟ ما هو عدد القضايا في محكمة أمن الدولة لمن ينتمون إلى مجموعات وخلايا مرتبطة بهذا الفكر؟ ما هو عدد قضايا المروّجين والمتعاطفين؟ المقارنة بين عدد القضايا حالياً مع القضايا نفسها خلال الأعوام السابقة؟ ما هو مردود تعديل قانون مكافحة الإرهاب والتطرف؛ هل قلّ أم زاد عدد القضايا؟ وكيف نفسّر ذلك؟ ما هو العمر الغالب؟ ما هي المنطقة الجغرافية الغالبة على هذه القضايا؟ ما هي أكثر أدوات ووسائل التجنيد التي اتبعت مع هؤلاء الأفراد؟
ما هي النتائج المترتبة إلى الآن على برنامج الحوار مع المتشددين داخل السجون؟ هل هنالك دراسات علمية لمدى نجاعته ونقاط القوة والضعف فيه؟ هل ثمّة برنامج واضح لمن خرجوا من السجون على خلفية هذه القضايا في عملية إعادة التأهيل؟ ولماذا لم نفكّر في إنشاء مؤسسات مجتمع مدني متخصصة للتعامل معهم ومع العائلات التي ينتمون إليها، حتى لا تنتقل العدوى إلى أفراد آخرين على أسس عائلية أو عشائرية؟
أجزم - من دون أدنى شعور بالتسرع أو المجازفة بالجواب- بأنّنا لا نمتلك إجابات دقيقة صحيحة عن الأسئلة السابقة، بصورة عامة! نعم هنالك معلومات متفرقة ومعطيات متعددة، لكنّها لم تخضع لإطار وصفي منهجي، فضلاً عن التحليل العلمي الإحصائي والنوعي الدقيق، وبالتالي بدهياً طالما أنّنا لا نملك توصيفاً ولا تعريفاً ولا فهماً دقيقاً لأبعاد المشكلة، فإنّ أي حلول وأفكار ومؤتمرات وخطط واستراتيجيات هي كمن يضع علاجاً لمرض من دون تشخيصه!
الطريف في الموضوع أنّ الكل لدينا يتحدث عن الإرهاب والتطرف، وهنالك عشرات المؤسسات المحلية والدولية تموّل مشروعات ودراسات وأبحاث في الإطار نفسه، ومؤسسات رسمية وغير رسمية وجمعيات أصبحت كلها تقوم على ثيمة "مكافحة التطرف"، لكنّنا ندور في دائرة أخرى تماماً، وبدلاً من ذلك أصبحنا أمام ما يمكن تسميته بـ"بيزنس الإرهاب"، أي سوق عمل ينشأ حول هذه المشكلة، من التمويل الأجنبي والمؤتمرات والمتخصصين، وفي نهاية اليوم من دون وجود قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة حول الموضوع!
أخطر ما في الأمر أنّنا ننتقل بالتدريج من "الأفراد" إلى "العائلات" في مجال التطرف والإرهاب، مع قصة الأحداث والنساء، بينما لم نستطع حتى اللحظة تقديم رواية أردنية دقيقة عن الموضوع.
يرى الباحثان محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، المتخصصان في الحركات الإسلامية، أنّ هنالك تحولاً كبيراً... more يرى الباحثان محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، المتخصصان في الحركات الإسلامية، أنّ هنالك تحولاً كبيراً حدث في دور "المرأة الجهادية" وحجم مشاركتها والنصوص الدينية المؤسسة لذلك مع بروز تنظيم داعش وإعلانه قيام دولته في العراق وسورية في العام 2014.
وأشار الباحثان في كتابهما الجديد "عاشقات الشهادة: تشكلات الجهادية النسوية من القاعدة إلى الدولة الإسلامية" (الصادر عن مؤسسة فريدريش أيبرت في عمان) إلى أنّ طبيعة الأدوار والمهمات التي تقوم بها المرأة في تنظيم داعش، مقارنة بالتجربة الإسلاموية الجهادوية السابقة.
كما تناول الباحثان فصول الكتاب الذي يقع في قرابة 500 صفحة، خلال حفل توقيع جرى الثلاثاء الماضي، بمشاركة وزير الخارجية الأسبق، عبد الإله الخطيب، والدكتورة ابتسام عطيات.
يقع الكتاب في قسمين رئيسين، يتناول الأول تطوّر الجهادية النسوية والمراحل التي مرّت بها والتحولات التي عبرت خلالها أيديولوجياً وتنظيمياً، بينما يعالج القسم الثاني من الكتاب عشرات الحالات النسائية الجهادية، متتبعاً رحلتهم إلى عالم القاعدة والجماعات الجهادية، وصولاً إلى الداعشية، في محاولة فهم الأسباب التي دفعتهم إلى هذه الطريق.
قرار الانفصال وفك الارتباط بـ"القاعدة" الذي أعلنه، قبل أيام، أمير جبهة النصرة، أبو محمد الجولان... more قرار الانفصال وفك الارتباط بـ"القاعدة" الذي أعلنه، قبل أيام، أمير جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، ليس مجرّد قرار شكلي، أو تكتيكاً لتجنّب الضربات الروسية المتوقعة بعد التفاهمات الروسية- الأميركية الأخيرة في موسكو، وما نتج عنها من مطالب أميركية للفصائل المسلحة بالتمايز عن الأماكن التي يوجد فيها أعضاء "النصرة"، لكي لا يطاولها القصف المتوقع.
بالضرورة، ثمة ضغوط شديدة من الفصائل الحليفة ـل "النصرة" (خصوصاً حركة أحرار الشام التي تنضوي معها في جيش الفتح) عليها لاتخاذ القرار، بعدما ضاقت الخيارات أمامهم جميعاً، مع التحول في الموقف الدولي، إلا أنّ قرار جبهة النصرة لم يكن ليتحقّق ويُنجز، لولا وجود أسباب وعوامل أخرى، ساعدت على اتخاذه، في مقدمتها موقف "القاعدة" الأم نفسها، التي عبّدت الطريق لقيادات "النصرة" عبر البيان الذي قدمه نائب الظواهري، أحمد أبو الخير، متيحاً المجال للجولاني لإعلان الانفصال.
من زاوية أنّ القرار شكلي، وأنّ أيديولوجيا "النصرة" لن تتغير، قد يكون ذلك صحيحاً جزئياً، فالتنظيم، كما ذكر الجولاني نفسه، يسعى إلى تحكيم الشريعة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية، ولن يتخلى، بكبسة زر، عن جزءٍ أساسي من بنيته الأيديولوجية الصلبة. لكنّ القرار، في المقابل، بمثابة خطوةٍ أولى في صيرورةٍ جديدةٍ تمرّ بها "النصرة" و"القاعدة" على السواء، في تحولاتهما المشتركة، ولولا التحولات التي حدثت لدى تنظيم القاعدة، لما نتجت "النصرة" ابتداءً بهذه الصورة الجديدة، الأقرب إلى الطابع الشعبوي والتحالف مع الفصائل الإسلامية الأخرى
تعود درعا إلى أولوية الاهتمام الاستراتيجي الأردني، بعدما ظهر تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية (داعش... more تعود درعا إلى أولوية الاهتمام الاستراتيجي الأردني، بعدما ظهر تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية (داعش) في الريف الغربي، وما يزال يخوض حرباً مع فصائل "الجبهة الجنوبية" التي تمثّل المظلة الكبرى للجيش الحرّ في الجنوب.
مرّت المقاربة الأردنية تجاه درعا في مراحل عدة، بدأت، مع عام 2012، بدعم فصائل من الجيش الحرّ بالعتاد والسلاح، وتقوية النفوذ الأمني في الجنوب، وإحكام ضبط الحدود، ثم أصبحت غرفة الموك (العمليات العسكرية المشتركة لمساعدة الثوار)، مع رفضه ضغوطاً شديدة من دول عربية وغربية لفتح الحدود كلياً لعبور المقاتلين والسلاح النوعي، فكان هنالك تقنين لنوعية السلاح، والفصائل التي تحصل عليه، ومحاولة تحكّم في نمط العمليات العسكرية ضد الجيش السوري. كان ضابط الاتصال بين الأردن وفصائل الجيش الحرّ، في تلك الفترة، العقيد المنشق، أحمد النعمة، الأمر الذي لم يكن يقبله كثيرون من قادة الفصائل، وتمّ فرض الرجل في المجلس العسكري في درعا، لما يحظى به من دعم أردني، قبل أن تعتقله جبهة النصرة ، مع ترجيح أنّه أعدم. -
. هكذا كتب الصديق أمجد الفيوّمي -وهو من الشباب الأردني المثقف، الذي يعشق الكتب والقراءة والثقافة،... more .
هكذا كتب الصديق أمجد الفيوّمي -وهو من الشباب الأردني المثقف، الذي يعشق الكتب والقراءة والثقافة، وأحد أهم الفاعلين في "نادٍ للكتاب" في عمّان- عن وفاة المفكّر السوري المعروف جورج طرابيشي، قبل يومين، عن عمر يناهز 77 عاماً
قيمة ما كتبه صديقنا العزيز أمجد عن طرابيشي هو أنّه "نموذج" لحجم التأثير الكبير الذي خلقته نخبة من المفكّرين العرب الكبار، خلال العقود الأخيرة، لدى جيل من الشباب، وربما معهم الكبار، من أمثال جورج طرابيشي ومحمد عابد الجابري ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد، وغيرهم من مفكّرين رحلوا عن عالمنا في الأعوام الستة الأخيرة.
جورج طرابيشي هو ابن مدينة حلب، في الأصل، وعاش في بيروت، ثم استقر في فرنسا مع الحرب الأهلية اللبنانية، ليتفرّغ هناك للدراسة والبحث والتأليف، مصدرا قرابة مائتي كتاب؛ ما بين ترجمات عديدة في علم النفس والعلوم الأخرى، إلى نقد أدبي مبني على قراءته المعمّقة في علم النفس، وتحديداً فرويد الذي كان طرابيشي من أوّل من ترجم كتبه (مع أنّه يعترف لاحقاً بأنّه ترجم كتبه عن الفرنسية لا الألمانية، وهناك انتقادات وملاحظات عديدة على ترجماته من قبل مثقفين آخرين)، ثم مؤلفاته المتبحّرة في التراث الإسلامي وفي العقل العربي
"داعش" طفرة ونقطة تحول جوهرية في مسار الحركات الراديكالية والإرهابية؛ ليس مقارنة بـ"القاعدة" فقط... more "داعش" طفرة ونقطة تحول جوهرية في مسار الحركات الراديكالية والإرهابية؛ ليس مقارنة بـ"القاعدة" فقط، بل أيضا الجماعات الأخرى، سواء على صعيد القدرة على التجنيد والدعاية، أو على صعيد الخبرة الفنية في إعداد التفجيرات والعمليات. لكن الفكرة الجوهرية المهمة هنا تتمثل في أنّ هؤلاء الشباب في أوروبا، وبالرغم من صغر أعمارهم، إلا أنّهم سبقوا بأفكارهم وتصوراتهم لتنفيد العمليات الأجهزة الأمنية المحترفة في العالم، وأصبحوا -أي من ينتمون لهذا الفكر- على مسافة أكبر في الأمام؛ يحللون كيف تفكّر الأجهزة الأمنية، وكيف يمكن تفادي ذلك، بينما الخبراء الأمنيون في أوروبا ما يزالون يحاولون اللحاق بهذا "النموذج المرعب" الجديد، عبر وسائل أمنية تقليدية، في العادة.
الولايات المتحدة قد تبدو، أمنياً، نموذجاً مختلفاً بدرجة ما؛ إذ طوّرت بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 عمل الأجهزة الأمنية المختصة، وخصصت موارد بشرية ومالية ضخمة جداً، وغيّرت من أساليبها، ونجحت في منع وقوع عمليات ضخمة وكبيرة، مع تغيير في التشريعات والقوانين، بما انعكس -جزئياً- على الحريات العامة، مثل قانون "باتريوت"، ومثل تطوير أساليب التحقيق والاستدراج الأمني
هذه لعبة السلطة والمهرجين والأدوات. عكاشة مثّل نموذجاً-ممثّلاً في المسرحية، أدى دور الإعلامي الشع... more هذه لعبة السلطة والمهرجين والأدوات. عكاشة مثّل نموذجاً-ممثّلاً في المسرحية، أدى دور الإعلامي الشعبوي، لاكتساب شريحة اجتماعية واسعة. وعندما خرج عن "النص"، تم طرده من المسرحية. وإذا تجاوز ما هو مرسوم له لاحقاً، فإنه سيدفع ثمناً غالياً!
ثمّة نماذج متعددة من "الأدوات"، لكنّ أطرفها على الإطلاق هم العكاشيون، لأنّهم ليسوا أدوات فقط لتنفيد المهمات والقيام بالأدوار المطلوبة، بل لديهم حسّ فكاهي كاريكاتوري، يكشفون به عن المستوى الأخلاقي والثقافي لمن يديرون هذه الظواهر، فكل عكاشة وراءه عاكشيون، وهي ظاهرة تستحق أن نتأمّلها ليس فقط في مصر، بل في أغلب الدول العربية، فهناك عكاشيون وعاكشيون، وصورة كاريكاتورية صادقة تعكس سخافة اللعبة السياسية والإعلامية!
إنّ أغلب أبناء "الجيل الجديد" في هذا التيار "داعشيّو المزاج"، بالرغم من أنّ شيوخ التيار في الأرد... more إنّ أغلب أبناء "الجيل الجديد" في هذا التيار "داعشيّو المزاج"، بالرغم من أنّ شيوخ التيار في الأردن من أبرز خصوم "داعش"، مثل أبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني.
في المقابل، يميل شيخ التيار في مخيم إربد، تحديداً، عبد شحادة الطحاوي، المعتقل حالياً، إلى تنظيم "داعش". والشخص الأهم منه كونه الأكثر تأثيراً على هذا الجيل، هو عمر مهدي زيدان، الذي يحاكم غيابياً أمام محكمة أمن الدولة، لوجوده مع "داعش" في الرقّة. وكان خلال وجوده في الأردن من أشدّ مناصري "داعش" عبر مدونته المعروفة "جرير الحسني".
الملحوظة الثالثة؛ وتحتاج إلى فحص واختبار، لاحقاً، تتمثّل في أنّ أبناء هذا التيار كانوا يسلمون أنفسهم، في التجارب السابقة، عادةً، فيُعتقلون ويحاكمون أمام القضاء، وفي أحيان يتم استدعاؤهم من قبل الأجهزة الأمنية واعتقالهم فيها. لكن ما حدث أمس مؤشّر على وجود "فتاوى" جديدة لدى الموالين لداعش في الأردن، بعدم تسليم أنفسهم، واللجوء إلى المقاومة المسلّحة.
هل فعلاً لا تمانع إدارة الرئيس أوباما بتسليم سورية إلى الإيرانيين والروس، كما خلص السيناتور غراها... more هل فعلاً لا تمانع إدارة الرئيس أوباما بتسليم سورية إلى الإيرانيين والروس، كما خلص السيناتور غراهام؟ سيعارض كثيرون هذه النتيجة، ويرون أنّ المنطقة لا تزال تتوفر على أهمية استراتيجية كبيرة لدى الأميركيين، فليس من السهولة القول إنّ الإدارة الأميركية تتخلّى عنها للطرف الآخر. ربما، لكن أليست العراق استراتيجياً واقتصادياً على القدر نفسه من الأهمية للولايات المتحدة الأميركية؟ ألم تسلمها واشنطن عملياً لطهران، فلماذا نستصعب الأمر في سورية، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار أنّ كيري، في تصريحاته، كان يلوم المعارضة، وأنّه، عشية مؤتمر جنيف، أخيراً، هدّدها في حال رفضت الذهاب إلى هناك، وأخبرها أنّه لا توجد ضمانات لرحيل الأسد.
قد تكون المسألة السورية أكثر تعقيداً من خلاصةٍ سريعة مختزلة، بأنّ واشنطن لا تمانع في تسليم دمشق لطهران وموسكو، مع الاتفاق على صيغة أو معادلة معينة من المصالح المشتركة. فهنالك جوانب متعددة لقراءة المشهد. لكن، علينا ألا نحذف جملاً ومفاهيم رئيسة من عملية "العصف الفكري" الحالي ما هي؟
صحيح أنّ "العامل الشيعي" في سياسة إيران لم يكن ملغياً، أو هامشياً، في أيّ وقت، وهو أحد الركائز ا... more صحيح أنّ "العامل الشيعي" في سياسة إيران لم يكن ملغياً، أو هامشياً، في أيّ وقت، وهو أحد الركائز الجوهرية في هذه السياسة، منذ الثورة الخمينية 1979، إلاّ أنّ مكانة هذا العامل وقيمته وأولويته شهدت قفزة كبيرة في تصميم الإطار المصلحي والأمني الحاكم للسياسة الخارجية الإيرانية منذ احتلال العراق، وهي الملاحظة المهمة التي يسجلها واحد من أهم المنظّرين الاستراتيجيين الإيرانيين، كيهان بارزيجار، مدير مركز البحوث الاستراتيجية المقرب من مراكز الحكم في طهران، إذ يرى أنّ تنصيب الحكومة الشيعية العراقية، الموالية لطهران، بعد 2003، كان نقطة تحول في تقوية مكانة العامل الشيعي في السياسة الخارجية الإيرانية.
يقدم لنا بارزيجان (في مقالته المهمة "العامل الشيعي في سياسة إيران الخارجية"، على موقع مركز الدراسات الذي يعمل فيه، 2008) تصورا استراتيجياً عن التحول في السياسة الخارجية الإيرانية، من محاولات تصدير ولاية الفقيه والثورة الإيرانية، إلى مفهوم جديد يقوم على حماية مصالح إيران وأمنها وتكريس نفوذها عبر "الفصائل الشيعية"، وهو المفهوم الذي تكرّس وتعزز مع مجيء أحمدي نجاد إلى الرئاسة الإيرانية في العام 2005، منهياً مرحلة الإصلاحية الخاتمية (1997-2005). ويلخص لنا ولي نصر (في كتابه صحوة الشيعة) جوهر التحول "بخلاف آية الله الخميني وأجندته القاضية بالتقريب بين المذهبين، السني والشيعي، بلطف واتزان، يريد هؤلاء القياديون المحافظون من الثورة أن تمكّن الشيعة من حيازة السلطة وتوطيد الهوية الشيعية وتمكينها".
ساعد على إجراء هذه الاستدارة في أولويات السياسة الخارجية الإيرانية وجود "رجل دين" مثل آية الله علي السيستاني، بوصفه أهم مرجعية دينية في العراق، لأنّه لا يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه، ولا بالدولة الدينية، ما جعل الهم الإيراني هو تقوية الحضور الشيعي، أيّاً كان التوجه الأيديولوجي، بوصفه في المجمل جزءاً من النفوذ الإيراني، بدلاً من محاولات تثوير الشعوب بأسرها.
لا يجوز "إدانة" تلك اللحظة، لأنّها إدانة لحقّ طبيعي لنا في الديمقراطية والتحرر. وعلينا التدقيق في... more لا يجوز "إدانة" تلك اللحظة، لأنّها إدانة لحقّ طبيعي لنا في الديمقراطية والتحرر. وعلينا التدقيق في أحكامنا ومواقفنا بصورة أعمق. فما حدث لاحقاً، بخاصة مع "استعصاء التغيير السلمي" الشعبي، في سورية واليمن وليبيا، وإصرار الأنظمة هناك على "عسكرة" الثورات الشعبية، ومن ثم انبثاق حملة "الثورة المضادة" لإيقاف مسار التغيير السلمي، وترميم النظام السلطوي؛ كل ذلك خوفاً من "الإسلام السياسي" الانتخابي، ليأتي لنا "إسلام سياسي" مرعب لا مثيل له، حتى في أوساط "القاعدة"، فأصبحت بمثابة الأمّ التي اضطرت أن تتبرأ من ابنها الذي وصل حداً غير مسبوق في التوحش والانفلات!
وإذا كانت "القاعدة" نتاج عقود من فشل الأنظمة السلطوية وشبه السلطوية في العالم العربي، فإنّ تنظيم "داعش" هو نتاج أعوام قليلة من "الثورة المضادة" لاستعادة وترميم تلك الأنظمة، واستراتيجية "الخيارين: إما نحن أو الفوضى"! لكن "داعش" ليس -بحالٍ من الأحوال- نتاج "الربيع العربي" أو حق الشعوب في تقرير مصيرها والوصول إلى المسار الديمقراطي.
لرواية (التي صدرت في العام 2015) تتحدث عن قصة شابة اسمها فاطمة، كانت تعيش في بلدة نائية بمنطقة سي... more لرواية (التي صدرت في العام 2015) تتحدث عن قصة شابة اسمها فاطمة، كانت تعيش في بلدة نائية بمنطقة سيطر عليها "متشددون إسلاميون". وبالرغم من أنّ الكاتب لا يذكر بلداً معيّناً، تاركاً الباب مفتوحاً لهذا النموذج الممكن في أيّ مكان مشابه، إلا أنّ بعض حيثيات الرواية تقنعك بأنّ الحديث هو غالباً عن العراق، ومناطق سيطرة تنظيم "داعش" فيه.
تجد هذه الفتاة نفسها في أسرة صغيرة فقيرة جداً، في منطقة فقيرة أيضاً. ويهرب والدها من الفقر إلى الانضمام لهذه الجماعات المتشددة، لردّ الاعتبار لشعوره بذاته، ونيل مكانة اجتماعية جديدة متأتية من سطوة هذا التنظيم. ثم يقوم بعملية انتحارية. قبل ذلك، تعمل فاطمة مع والدتها في خدمة منزل عام يعود للتنظيم، يضم أعداداً كبيرة من رجاله والنساء السبايا، أو تلك اللواتي أتين من أماكن أخرى برفقة أعضاء في التنظيم.
تسلّط الرواية الضوء على حالة المجتمع تحت سطوة التيار المتشدد، الذي يحمل أفكاراً مثالية تدّعي الطهورية الروحية والدينية، لكنّها مسكونة بأرواح شرهة للنساء والنزوات والشهوات. وهي تضعنا وجهاً لوجه أمام المرأة في هذه المجتمعات، والأطفال والشباب، وحالة "الأنوثة المقهورة" تحت وطأة فكر متشدد، يفهم الإسلام بوصفه ديناً بوليسياً، يقوم على التحريم والتجريم والتخوين والاتهام والقتل وسفك الدماء، بدلاً من الرحمة والتسامح والعدالة والقيم الإنسانية النبيلة؛ والمرأة بوصفها متاعاً أو شيئاً يمكن تملكه واستخدامه وتبادله، أي هي مخلوق أقل من الإنسان، وليست إنسانا له حق الاختيار والحياة. وكذلك المجتمع بوصفه موضع شكّ وغير موثوق، لا بوصفه حرّاً طليقاً يملك حق تقرير المصير!
هي حرب مشاريع ومفاهيم بالدرجة الرئيسة! أكثر منها حرب أمنية أو عسكرية. فهذا التنظيم يقدم نفسه من خ... more هي حرب مشاريع ومفاهيم بالدرجة الرئيسة! أكثر منها حرب أمنية أو عسكرية. فهذا التنظيم يقدم نفسه من خلال مفاهيم الدولة الإسلامية؛ تطبيق الشريعة، الدفاع عن السُّنّة، مواجهة الهيمنة العالمية، مواجهة المشروع الإيراني. فهو، نظرياً، يمثّل "اليوتوبيا" التي يبحث عنها آلاف الشباب العربي والمسلم، الذين تربّوا على هذه المدونات الفقهية والإيديولوجية الجمودية، ولم يطوّروا مفاهيم جديدة للإسلام وقيمه ومقاصده، ووقعوا في الوقت نفسه تحت الأزمة المركّبة التي تعيشها الدولة والمجتمعات العربية اليوم!
الزعيم التونسي المحنّك أضاف أنّ المشكلة في تونس هي أنّ بعض التونسيين لا يريدون للبعض أن يشارك، لك... more الزعيم التونسي المحنّك أضاف أنّ المشكلة في تونس هي أنّ بعض التونسيين لا يريدون للبعض أن يشارك، لكن من الضروري أن يشارك الجميع. ثم وضع الكلمة المفتاحية لفهم هذه الوصفة، وهي "سياسة التوافق" التي من المفترض أن تسود وتحكم البلاد حتى تعبر المرحلة الانتقالية، وتصل إلى البرّ الديمقراطي؛ توافق بين القديم والجديد، وتوافق بين العلمانية والإسلام والإسلام والديمقراطية والحداثة، توافق يراكم على المراحل السابقة ولا يلغيها، منذ خير الدين التونسي وصولاً إلى الحبيب بورقيبة.
وربما مجرّد أن يقف زعيم حزب إسلامي في مؤتمر حزب انشئ في الأصل ليكون ندّاً وطرفاً معادياً لـ"النهضة" الإسلامي هو بحدّ ذاته نموذج على التعددية والاحتواء والتوافق، ومؤشر على سعة الأفق. وربما ذلك ما يكسر القاعدة الطريفة التي وضعها الباجي قائد السبسي في بدايات تأسيس الحزب، عندما قال: "النداء والنهضة عبارة عن خطّين متوازيين لا يلتقيان بإذن الله، وإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلاّ بالله"
أجل ذلك يبدو الصراع على حركة "أحرار الشام" كبيراً. فعلى الطرف الآخر، يعمل المحور التركي-القطري-ال... more أجل ذلك يبدو الصراع على حركة "أحرار الشام" كبيراً. فعلى الطرف الآخر، يعمل المحور التركي-القطري-السعودي على "تأهيل" الحركة، بوصفها معارضة إسلامية معتدلة، يمكن أن تكون بديلاً أو الطرف الذي يحل محلّ تنظيم "داعش"، في حال تمّت هزيمته عسكرياً. وهو ما دفع بالمسؤول عن ملف الشؤون الخارجية في "أحرار الشام"، لبيب النحاس، إلى نشر مقالين في صحف غربية كبرى يتحدث فيهما عن حركته بوصفها "رأس الحربة" في مواجهة "داعش".
سابقت الرياض الزمن في تنسيق مؤتمر المعارضة السورية، وإصدار ميثاق يحدد أهداف القوى المختلفة، يتضمن القبول بدولة مدنية ديمقراطية، وبالتفاوض مع النظام. وقد وقّع عليه مسؤول الملف الخارجي لبيب النحاس، بالرغم من أنّ قيادة الحركة قامت بإصدار بيان في اليوم نفسه يرفض تلك المخرجات التي تهدد علاقتها بحلفائها، وفي مقدمتهم "جبهة النصرة"، التي خرج أميرها أبو محمد الجولاني، لاحقاً، في مؤتمر صحفي استثنائي ليهاجم بشدة مقررات الرياض ويتوعد بإفشالها بوصفها مؤامرة!
لم تصدر "أحرار الشام" غداة مؤتمر الرياض أي موقف جديد. ومن الواضح أنّ القرار هو "تعويم" موقف الحركة، ليستفاد منه دولياً في مواجهة الروس، وفي الوقت نفسه لا يحدث الصدام والشقاق بينها وبين "جبهة النصرة"، فتبقى بالفعل هذه الحركة كـ"القنبلة الموقوتة" ليس فقط في القائمة الأردنية، كما وصفتها صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من إيران، بل في ترسيم معالم المرحلة المقبلة!
سوسيولوجيا التطرف والإرهاب في الأردن, 2018
جغرافيا التطرف؛ صدمات ومُفاجَأت : خلال الرصد الميداني والتحليل الكميّ الذي قام به المؤلفان, جاء ا... more جغرافيا التطرف؛ صدمات ومُفاجَأت :
خلال الرصد الميداني والتحليل الكميّ الذي قام به المؤلفان, جاء التوزيع الجغرافيّ لخارطة التطرف وأماكن تواجدهم – أي المتطرّفين - في الأردن على هذا النحو :
1- محافظة الزرقاء ( الرصفية ومخيم شنلر ) ما نسبته ( 40.7%)
2- محافظة إربد ( مخيم إربد ) ما نسبته ( 17.4% )
3- مدينة البلقاء ما نسبته 13%
4- العاصمة عمّان ما نسبته 12%
5- محافظة معان ما نسبته ( 9.3% )
6- محافظة الكرك ما نسبته ( 4.9% )
7- باقي المملكة ما نسبته ( 2% )
رغم من تنامي الاهتمام لدى المسؤولين والسياسيين بموضوع مكافحة التطرف وما يسمى "التطرف العنيف"، وبا... more رغم من تنامي الاهتمام لدى المسؤولين والسياسيين بموضوع مكافحة التطرف وما يسمى "التطرف العنيف"، وبالرغم كذلك من الخطط الحكومية والرسمية وعشرات الندوات والمؤتمرات المعقودة في السياق نفسه، فإنّنا ما نزال في إطار حالة من الضبابية وغياب الوضوح، وربما بعبارة أدق "العمى السياسي" في التعامل مع هذا الملف؛ سواء على صعيد إدراك أبعاده وحجمه بصورة دقيقة أو المسار البديل، أي مكافحته ومواجهته بالاستراتيجيات والديناميكيات المناسبة!
الشرط الرئيس لإنضاج الرؤية الاستراتيجية لمواجهة "الداعشية" والتطرف، يتمثّل في تعريف الظاهرة نفسها، وتحديد حجمها بصورة دقيقة، وأبعادها والمتغيرات الرئيسة المرتبطة بها. بمعنى؛ كم العدد الدقيق لمن انضموا فعلياً إلى تلك التنظيمات؟ ما هو عدد القضايا في محكمة أمن الدولة لمن ينتمون إلى مجموعات وخلايا مرتبطة بهذا الفكر؟ ما هو عدد قضايا المروّجين والمتعاطفين؟ المقارنة بين عدد القضايا حالياً مع القضايا نفسها خلال الأعوام السابقة؟ ما هو مردود تعديل قانون مكافحة الإرهاب والتطرف؛ هل قلّ أم زاد عدد القضايا؟ وكيف نفسّر ذلك؟ ما هو العمر الغالب؟ ما هي المنطقة الجغرافية الغالبة على هذه القضايا؟ ما هي أكثر أدوات ووسائل التجنيد التي اتبعت مع هؤلاء الأفراد؟
ما هي النتائج المترتبة إلى الآن على برنامج الحوار مع المتشددين داخل السجون؟ هل هنالك دراسات علمية لمدى نجاعته ونقاط القوة والضعف فيه؟ هل ثمّة برنامج واضح لمن خرجوا من السجون على خلفية هذه القضايا في عملية إعادة التأهيل؟ ولماذا لم نفكّر في إنشاء مؤسسات مجتمع مدني متخصصة للتعامل معهم ومع العائلات التي ينتمون إليها، حتى لا تنتقل العدوى إلى أفراد آخرين على أسس عائلية أو عشائرية؟
أجزم - من دون أدنى شعور بالتسرع أو المجازفة بالجواب- بأنّنا لا نمتلك إجابات دقيقة صحيحة عن الأسئلة السابقة، بصورة عامة! نعم هنالك معلومات متفرقة ومعطيات متعددة، لكنّها لم تخضع لإطار وصفي منهجي، فضلاً عن التحليل العلمي الإحصائي والنوعي الدقيق، وبالتالي بدهياً طالما أنّنا لا نملك توصيفاً ولا تعريفاً ولا فهماً دقيقاً لأبعاد المشكلة، فإنّ أي حلول وأفكار ومؤتمرات وخطط واستراتيجيات هي كمن يضع علاجاً لمرض من دون تشخيصه!
الطريف في الموضوع أنّ الكل لدينا يتحدث عن الإرهاب والتطرف، وهنالك عشرات المؤسسات المحلية والدولية تموّل مشروعات ودراسات وأبحاث في الإطار نفسه، ومؤسسات رسمية وغير رسمية وجمعيات أصبحت كلها تقوم على ثيمة "مكافحة التطرف"، لكنّنا ندور في دائرة أخرى تماماً، وبدلاً من ذلك أصبحنا أمام ما يمكن تسميته بـ"بيزنس الإرهاب"، أي سوق عمل ينشأ حول هذه المشكلة، من التمويل الأجنبي والمؤتمرات والمتخصصين، وفي نهاية اليوم من دون وجود قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة حول الموضوع!
أخطر ما في الأمر أنّنا ننتقل بالتدريج من "الأفراد" إلى "العائلات" في مجال التطرف والإرهاب، مع قصة الأحداث والنساء، بينما لم نستطع حتى اللحظة تقديم رواية أردنية دقيقة عن الموضوع.
يرى الباحثان محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، المتخصصان في الحركات الإسلامية، أنّ هنالك تحولاً كبيراً... more يرى الباحثان محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، المتخصصان في الحركات الإسلامية، أنّ هنالك تحولاً كبيراً حدث في دور "المرأة الجهادية" وحجم مشاركتها والنصوص الدينية المؤسسة لذلك مع بروز تنظيم داعش وإعلانه قيام دولته في العراق وسورية في العام 2014.
وأشار الباحثان في كتابهما الجديد "عاشقات الشهادة: تشكلات الجهادية النسوية من القاعدة إلى الدولة الإسلامية" (الصادر عن مؤسسة فريدريش أيبرت في عمان) إلى أنّ طبيعة الأدوار والمهمات التي تقوم بها المرأة في تنظيم داعش، مقارنة بالتجربة الإسلاموية الجهادوية السابقة.
كما تناول الباحثان فصول الكتاب الذي يقع في قرابة 500 صفحة، خلال حفل توقيع جرى الثلاثاء الماضي، بمشاركة وزير الخارجية الأسبق، عبد الإله الخطيب، والدكتورة ابتسام عطيات.
يقع الكتاب في قسمين رئيسين، يتناول الأول تطوّر الجهادية النسوية والمراحل التي مرّت بها والتحولات التي عبرت خلالها أيديولوجياً وتنظيمياً، بينما يعالج القسم الثاني من الكتاب عشرات الحالات النسائية الجهادية، متتبعاً رحلتهم إلى عالم القاعدة والجماعات الجهادية، وصولاً إلى الداعشية، في محاولة فهم الأسباب التي دفعتهم إلى هذه الطريق.
قرار الانفصال وفك الارتباط بـ"القاعدة" الذي أعلنه، قبل أيام، أمير جبهة النصرة، أبو محمد الجولان... more قرار الانفصال وفك الارتباط بـ"القاعدة" الذي أعلنه، قبل أيام، أمير جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، ليس مجرّد قرار شكلي، أو تكتيكاً لتجنّب الضربات الروسية المتوقعة بعد التفاهمات الروسية- الأميركية الأخيرة في موسكو، وما نتج عنها من مطالب أميركية للفصائل المسلحة بالتمايز عن الأماكن التي يوجد فيها أعضاء "النصرة"، لكي لا يطاولها القصف المتوقع.
بالضرورة، ثمة ضغوط شديدة من الفصائل الحليفة ـل "النصرة" (خصوصاً حركة أحرار الشام التي تنضوي معها في جيش الفتح) عليها لاتخاذ القرار، بعدما ضاقت الخيارات أمامهم جميعاً، مع التحول في الموقف الدولي، إلا أنّ قرار جبهة النصرة لم يكن ليتحقّق ويُنجز، لولا وجود أسباب وعوامل أخرى، ساعدت على اتخاذه، في مقدمتها موقف "القاعدة" الأم نفسها، التي عبّدت الطريق لقيادات "النصرة" عبر البيان الذي قدمه نائب الظواهري، أحمد أبو الخير، متيحاً المجال للجولاني لإعلان الانفصال.
من زاوية أنّ القرار شكلي، وأنّ أيديولوجيا "النصرة" لن تتغير، قد يكون ذلك صحيحاً جزئياً، فالتنظيم، كما ذكر الجولاني نفسه، يسعى إلى تحكيم الشريعة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية، ولن يتخلى، بكبسة زر، عن جزءٍ أساسي من بنيته الأيديولوجية الصلبة. لكنّ القرار، في المقابل، بمثابة خطوةٍ أولى في صيرورةٍ جديدةٍ تمرّ بها "النصرة" و"القاعدة" على السواء، في تحولاتهما المشتركة، ولولا التحولات التي حدثت لدى تنظيم القاعدة، لما نتجت "النصرة" ابتداءً بهذه الصورة الجديدة، الأقرب إلى الطابع الشعبوي والتحالف مع الفصائل الإسلامية الأخرى
تعود درعا إلى أولوية الاهتمام الاستراتيجي الأردني، بعدما ظهر تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية (داعش... more تعود درعا إلى أولوية الاهتمام الاستراتيجي الأردني، بعدما ظهر تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية (داعش) في الريف الغربي، وما يزال يخوض حرباً مع فصائل "الجبهة الجنوبية" التي تمثّل المظلة الكبرى للجيش الحرّ في الجنوب.
مرّت المقاربة الأردنية تجاه درعا في مراحل عدة، بدأت، مع عام 2012، بدعم فصائل من الجيش الحرّ بالعتاد والسلاح، وتقوية النفوذ الأمني في الجنوب، وإحكام ضبط الحدود، ثم أصبحت غرفة الموك (العمليات العسكرية المشتركة لمساعدة الثوار)، مع رفضه ضغوطاً شديدة من دول عربية وغربية لفتح الحدود كلياً لعبور المقاتلين والسلاح النوعي، فكان هنالك تقنين لنوعية السلاح، والفصائل التي تحصل عليه، ومحاولة تحكّم في نمط العمليات العسكرية ضد الجيش السوري. كان ضابط الاتصال بين الأردن وفصائل الجيش الحرّ، في تلك الفترة، العقيد المنشق، أحمد النعمة، الأمر الذي لم يكن يقبله كثيرون من قادة الفصائل، وتمّ فرض الرجل في المجلس العسكري في درعا، لما يحظى به من دعم أردني، قبل أن تعتقله جبهة النصرة ، مع ترجيح أنّه أعدم. -
. هكذا كتب الصديق أمجد الفيوّمي -وهو من الشباب الأردني المثقف، الذي يعشق الكتب والقراءة والثقافة،... more .
هكذا كتب الصديق أمجد الفيوّمي -وهو من الشباب الأردني المثقف، الذي يعشق الكتب والقراءة والثقافة، وأحد أهم الفاعلين في "نادٍ للكتاب" في عمّان- عن وفاة المفكّر السوري المعروف جورج طرابيشي، قبل يومين، عن عمر يناهز 77 عاماً
قيمة ما كتبه صديقنا العزيز أمجد عن طرابيشي هو أنّه "نموذج" لحجم التأثير الكبير الذي خلقته نخبة من المفكّرين العرب الكبار، خلال العقود الأخيرة، لدى جيل من الشباب، وربما معهم الكبار، من أمثال جورج طرابيشي ومحمد عابد الجابري ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد، وغيرهم من مفكّرين رحلوا عن عالمنا في الأعوام الستة الأخيرة.
جورج طرابيشي هو ابن مدينة حلب، في الأصل، وعاش في بيروت، ثم استقر في فرنسا مع الحرب الأهلية اللبنانية، ليتفرّغ هناك للدراسة والبحث والتأليف، مصدرا قرابة مائتي كتاب؛ ما بين ترجمات عديدة في علم النفس والعلوم الأخرى، إلى نقد أدبي مبني على قراءته المعمّقة في علم النفس، وتحديداً فرويد الذي كان طرابيشي من أوّل من ترجم كتبه (مع أنّه يعترف لاحقاً بأنّه ترجم كتبه عن الفرنسية لا الألمانية، وهناك انتقادات وملاحظات عديدة على ترجماته من قبل مثقفين آخرين)، ثم مؤلفاته المتبحّرة في التراث الإسلامي وفي العقل العربي
"داعش" طفرة ونقطة تحول جوهرية في مسار الحركات الراديكالية والإرهابية؛ ليس مقارنة بـ"القاعدة" فقط... more "داعش" طفرة ونقطة تحول جوهرية في مسار الحركات الراديكالية والإرهابية؛ ليس مقارنة بـ"القاعدة" فقط، بل أيضا الجماعات الأخرى، سواء على صعيد القدرة على التجنيد والدعاية، أو على صعيد الخبرة الفنية في إعداد التفجيرات والعمليات. لكن الفكرة الجوهرية المهمة هنا تتمثل في أنّ هؤلاء الشباب في أوروبا، وبالرغم من صغر أعمارهم، إلا أنّهم سبقوا بأفكارهم وتصوراتهم لتنفيد العمليات الأجهزة الأمنية المحترفة في العالم، وأصبحوا -أي من ينتمون لهذا الفكر- على مسافة أكبر في الأمام؛ يحللون كيف تفكّر الأجهزة الأمنية، وكيف يمكن تفادي ذلك، بينما الخبراء الأمنيون في أوروبا ما يزالون يحاولون اللحاق بهذا "النموذج المرعب" الجديد، عبر وسائل أمنية تقليدية، في العادة.
الولايات المتحدة قد تبدو، أمنياً، نموذجاً مختلفاً بدرجة ما؛ إذ طوّرت بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 عمل الأجهزة الأمنية المختصة، وخصصت موارد بشرية ومالية ضخمة جداً، وغيّرت من أساليبها، ونجحت في منع وقوع عمليات ضخمة وكبيرة، مع تغيير في التشريعات والقوانين، بما انعكس -جزئياً- على الحريات العامة، مثل قانون "باتريوت"، ومثل تطوير أساليب التحقيق والاستدراج الأمني
هذه لعبة السلطة والمهرجين والأدوات. عكاشة مثّل نموذجاً-ممثّلاً في المسرحية، أدى دور الإعلامي الشع... more هذه لعبة السلطة والمهرجين والأدوات. عكاشة مثّل نموذجاً-ممثّلاً في المسرحية، أدى دور الإعلامي الشعبوي، لاكتساب شريحة اجتماعية واسعة. وعندما خرج عن "النص"، تم طرده من المسرحية. وإذا تجاوز ما هو مرسوم له لاحقاً، فإنه سيدفع ثمناً غالياً!
ثمّة نماذج متعددة من "الأدوات"، لكنّ أطرفها على الإطلاق هم العكاشيون، لأنّهم ليسوا أدوات فقط لتنفيد المهمات والقيام بالأدوار المطلوبة، بل لديهم حسّ فكاهي كاريكاتوري، يكشفون به عن المستوى الأخلاقي والثقافي لمن يديرون هذه الظواهر، فكل عكاشة وراءه عاكشيون، وهي ظاهرة تستحق أن نتأمّلها ليس فقط في مصر، بل في أغلب الدول العربية، فهناك عكاشيون وعاكشيون، وصورة كاريكاتورية صادقة تعكس سخافة اللعبة السياسية والإعلامية!
إنّ أغلب أبناء "الجيل الجديد" في هذا التيار "داعشيّو المزاج"، بالرغم من أنّ شيوخ التيار في الأرد... more إنّ أغلب أبناء "الجيل الجديد" في هذا التيار "داعشيّو المزاج"، بالرغم من أنّ شيوخ التيار في الأردن من أبرز خصوم "داعش"، مثل أبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني.
في المقابل، يميل شيخ التيار في مخيم إربد، تحديداً، عبد شحادة الطحاوي، المعتقل حالياً، إلى تنظيم "داعش". والشخص الأهم منه كونه الأكثر تأثيراً على هذا الجيل، هو عمر مهدي زيدان، الذي يحاكم غيابياً أمام محكمة أمن الدولة، لوجوده مع "داعش" في الرقّة. وكان خلال وجوده في الأردن من أشدّ مناصري "داعش" عبر مدونته المعروفة "جرير الحسني".
الملحوظة الثالثة؛ وتحتاج إلى فحص واختبار، لاحقاً، تتمثّل في أنّ أبناء هذا التيار كانوا يسلمون أنفسهم، في التجارب السابقة، عادةً، فيُعتقلون ويحاكمون أمام القضاء، وفي أحيان يتم استدعاؤهم من قبل الأجهزة الأمنية واعتقالهم فيها. لكن ما حدث أمس مؤشّر على وجود "فتاوى" جديدة لدى الموالين لداعش في الأردن، بعدم تسليم أنفسهم، واللجوء إلى المقاومة المسلّحة.
هل فعلاً لا تمانع إدارة الرئيس أوباما بتسليم سورية إلى الإيرانيين والروس، كما خلص السيناتور غراها... more هل فعلاً لا تمانع إدارة الرئيس أوباما بتسليم سورية إلى الإيرانيين والروس، كما خلص السيناتور غراهام؟ سيعارض كثيرون هذه النتيجة، ويرون أنّ المنطقة لا تزال تتوفر على أهمية استراتيجية كبيرة لدى الأميركيين، فليس من السهولة القول إنّ الإدارة الأميركية تتخلّى عنها للطرف الآخر. ربما، لكن أليست العراق استراتيجياً واقتصادياً على القدر نفسه من الأهمية للولايات المتحدة الأميركية؟ ألم تسلمها واشنطن عملياً لطهران، فلماذا نستصعب الأمر في سورية، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار أنّ كيري، في تصريحاته، كان يلوم المعارضة، وأنّه، عشية مؤتمر جنيف، أخيراً، هدّدها في حال رفضت الذهاب إلى هناك، وأخبرها أنّه لا توجد ضمانات لرحيل الأسد.
قد تكون المسألة السورية أكثر تعقيداً من خلاصةٍ سريعة مختزلة، بأنّ واشنطن لا تمانع في تسليم دمشق لطهران وموسكو، مع الاتفاق على صيغة أو معادلة معينة من المصالح المشتركة. فهنالك جوانب متعددة لقراءة المشهد. لكن، علينا ألا نحذف جملاً ومفاهيم رئيسة من عملية "العصف الفكري" الحالي ما هي؟
صحيح أنّ "العامل الشيعي" في سياسة إيران لم يكن ملغياً، أو هامشياً، في أيّ وقت، وهو أحد الركائز ا... more صحيح أنّ "العامل الشيعي" في سياسة إيران لم يكن ملغياً، أو هامشياً، في أيّ وقت، وهو أحد الركائز الجوهرية في هذه السياسة، منذ الثورة الخمينية 1979، إلاّ أنّ مكانة هذا العامل وقيمته وأولويته شهدت قفزة كبيرة في تصميم الإطار المصلحي والأمني الحاكم للسياسة الخارجية الإيرانية منذ احتلال العراق، وهي الملاحظة المهمة التي يسجلها واحد من أهم المنظّرين الاستراتيجيين الإيرانيين، كيهان بارزيجار، مدير مركز البحوث الاستراتيجية المقرب من مراكز الحكم في طهران، إذ يرى أنّ تنصيب الحكومة الشيعية العراقية، الموالية لطهران، بعد 2003، كان نقطة تحول في تقوية مكانة العامل الشيعي في السياسة الخارجية الإيرانية.
يقدم لنا بارزيجان (في مقالته المهمة "العامل الشيعي في سياسة إيران الخارجية"، على موقع مركز الدراسات الذي يعمل فيه، 2008) تصورا استراتيجياً عن التحول في السياسة الخارجية الإيرانية، من محاولات تصدير ولاية الفقيه والثورة الإيرانية، إلى مفهوم جديد يقوم على حماية مصالح إيران وأمنها وتكريس نفوذها عبر "الفصائل الشيعية"، وهو المفهوم الذي تكرّس وتعزز مع مجيء أحمدي نجاد إلى الرئاسة الإيرانية في العام 2005، منهياً مرحلة الإصلاحية الخاتمية (1997-2005). ويلخص لنا ولي نصر (في كتابه صحوة الشيعة) جوهر التحول "بخلاف آية الله الخميني وأجندته القاضية بالتقريب بين المذهبين، السني والشيعي، بلطف واتزان، يريد هؤلاء القياديون المحافظون من الثورة أن تمكّن الشيعة من حيازة السلطة وتوطيد الهوية الشيعية وتمكينها".
ساعد على إجراء هذه الاستدارة في أولويات السياسة الخارجية الإيرانية وجود "رجل دين" مثل آية الله علي السيستاني، بوصفه أهم مرجعية دينية في العراق، لأنّه لا يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه، ولا بالدولة الدينية، ما جعل الهم الإيراني هو تقوية الحضور الشيعي، أيّاً كان التوجه الأيديولوجي، بوصفه في المجمل جزءاً من النفوذ الإيراني، بدلاً من محاولات تثوير الشعوب بأسرها.
لا يجوز "إدانة" تلك اللحظة، لأنّها إدانة لحقّ طبيعي لنا في الديمقراطية والتحرر. وعلينا التدقيق في... more لا يجوز "إدانة" تلك اللحظة، لأنّها إدانة لحقّ طبيعي لنا في الديمقراطية والتحرر. وعلينا التدقيق في أحكامنا ومواقفنا بصورة أعمق. فما حدث لاحقاً، بخاصة مع "استعصاء التغيير السلمي" الشعبي، في سورية واليمن وليبيا، وإصرار الأنظمة هناك على "عسكرة" الثورات الشعبية، ومن ثم انبثاق حملة "الثورة المضادة" لإيقاف مسار التغيير السلمي، وترميم النظام السلطوي؛ كل ذلك خوفاً من "الإسلام السياسي" الانتخابي، ليأتي لنا "إسلام سياسي" مرعب لا مثيل له، حتى في أوساط "القاعدة"، فأصبحت بمثابة الأمّ التي اضطرت أن تتبرأ من ابنها الذي وصل حداً غير مسبوق في التوحش والانفلات!
وإذا كانت "القاعدة" نتاج عقود من فشل الأنظمة السلطوية وشبه السلطوية في العالم العربي، فإنّ تنظيم "داعش" هو نتاج أعوام قليلة من "الثورة المضادة" لاستعادة وترميم تلك الأنظمة، واستراتيجية "الخيارين: إما نحن أو الفوضى"! لكن "داعش" ليس -بحالٍ من الأحوال- نتاج "الربيع العربي" أو حق الشعوب في تقرير مصيرها والوصول إلى المسار الديمقراطي.
لرواية (التي صدرت في العام 2015) تتحدث عن قصة شابة اسمها فاطمة، كانت تعيش في بلدة نائية بمنطقة سي... more لرواية (التي صدرت في العام 2015) تتحدث عن قصة شابة اسمها فاطمة، كانت تعيش في بلدة نائية بمنطقة سيطر عليها "متشددون إسلاميون". وبالرغم من أنّ الكاتب لا يذكر بلداً معيّناً، تاركاً الباب مفتوحاً لهذا النموذج الممكن في أيّ مكان مشابه، إلا أنّ بعض حيثيات الرواية تقنعك بأنّ الحديث هو غالباً عن العراق، ومناطق سيطرة تنظيم "داعش" فيه.
تجد هذه الفتاة نفسها في أسرة صغيرة فقيرة جداً، في منطقة فقيرة أيضاً. ويهرب والدها من الفقر إلى الانضمام لهذه الجماعات المتشددة، لردّ الاعتبار لشعوره بذاته، ونيل مكانة اجتماعية جديدة متأتية من سطوة هذا التنظيم. ثم يقوم بعملية انتحارية. قبل ذلك، تعمل فاطمة مع والدتها في خدمة منزل عام يعود للتنظيم، يضم أعداداً كبيرة من رجاله والنساء السبايا، أو تلك اللواتي أتين من أماكن أخرى برفقة أعضاء في التنظيم.
تسلّط الرواية الضوء على حالة المجتمع تحت سطوة التيار المتشدد، الذي يحمل أفكاراً مثالية تدّعي الطهورية الروحية والدينية، لكنّها مسكونة بأرواح شرهة للنساء والنزوات والشهوات. وهي تضعنا وجهاً لوجه أمام المرأة في هذه المجتمعات، والأطفال والشباب، وحالة "الأنوثة المقهورة" تحت وطأة فكر متشدد، يفهم الإسلام بوصفه ديناً بوليسياً، يقوم على التحريم والتجريم والتخوين والاتهام والقتل وسفك الدماء، بدلاً من الرحمة والتسامح والعدالة والقيم الإنسانية النبيلة؛ والمرأة بوصفها متاعاً أو شيئاً يمكن تملكه واستخدامه وتبادله، أي هي مخلوق أقل من الإنسان، وليست إنسانا له حق الاختيار والحياة. وكذلك المجتمع بوصفه موضع شكّ وغير موثوق، لا بوصفه حرّاً طليقاً يملك حق تقرير المصير!
هي حرب مشاريع ومفاهيم بالدرجة الرئيسة! أكثر منها حرب أمنية أو عسكرية. فهذا التنظيم يقدم نفسه من خ... more هي حرب مشاريع ومفاهيم بالدرجة الرئيسة! أكثر منها حرب أمنية أو عسكرية. فهذا التنظيم يقدم نفسه من خلال مفاهيم الدولة الإسلامية؛ تطبيق الشريعة، الدفاع عن السُّنّة، مواجهة الهيمنة العالمية، مواجهة المشروع الإيراني. فهو، نظرياً، يمثّل "اليوتوبيا" التي يبحث عنها آلاف الشباب العربي والمسلم، الذين تربّوا على هذه المدونات الفقهية والإيديولوجية الجمودية، ولم يطوّروا مفاهيم جديدة للإسلام وقيمه ومقاصده، ووقعوا في الوقت نفسه تحت الأزمة المركّبة التي تعيشها الدولة والمجتمعات العربية اليوم!
الزعيم التونسي المحنّك أضاف أنّ المشكلة في تونس هي أنّ بعض التونسيين لا يريدون للبعض أن يشارك، لك... more الزعيم التونسي المحنّك أضاف أنّ المشكلة في تونس هي أنّ بعض التونسيين لا يريدون للبعض أن يشارك، لكن من الضروري أن يشارك الجميع. ثم وضع الكلمة المفتاحية لفهم هذه الوصفة، وهي "سياسة التوافق" التي من المفترض أن تسود وتحكم البلاد حتى تعبر المرحلة الانتقالية، وتصل إلى البرّ الديمقراطي؛ توافق بين القديم والجديد، وتوافق بين العلمانية والإسلام والإسلام والديمقراطية والحداثة، توافق يراكم على المراحل السابقة ولا يلغيها، منذ خير الدين التونسي وصولاً إلى الحبيب بورقيبة.
وربما مجرّد أن يقف زعيم حزب إسلامي في مؤتمر حزب انشئ في الأصل ليكون ندّاً وطرفاً معادياً لـ"النهضة" الإسلامي هو بحدّ ذاته نموذج على التعددية والاحتواء والتوافق، ومؤشر على سعة الأفق. وربما ذلك ما يكسر القاعدة الطريفة التي وضعها الباجي قائد السبسي في بدايات تأسيس الحزب، عندما قال: "النداء والنهضة عبارة عن خطّين متوازيين لا يلتقيان بإذن الله، وإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلاّ بالله"
أجل ذلك يبدو الصراع على حركة "أحرار الشام" كبيراً. فعلى الطرف الآخر، يعمل المحور التركي-القطري-ال... more أجل ذلك يبدو الصراع على حركة "أحرار الشام" كبيراً. فعلى الطرف الآخر، يعمل المحور التركي-القطري-السعودي على "تأهيل" الحركة، بوصفها معارضة إسلامية معتدلة، يمكن أن تكون بديلاً أو الطرف الذي يحل محلّ تنظيم "داعش"، في حال تمّت هزيمته عسكرياً. وهو ما دفع بالمسؤول عن ملف الشؤون الخارجية في "أحرار الشام"، لبيب النحاس، إلى نشر مقالين في صحف غربية كبرى يتحدث فيهما عن حركته بوصفها "رأس الحربة" في مواجهة "داعش".
سابقت الرياض الزمن في تنسيق مؤتمر المعارضة السورية، وإصدار ميثاق يحدد أهداف القوى المختلفة، يتضمن القبول بدولة مدنية ديمقراطية، وبالتفاوض مع النظام. وقد وقّع عليه مسؤول الملف الخارجي لبيب النحاس، بالرغم من أنّ قيادة الحركة قامت بإصدار بيان في اليوم نفسه يرفض تلك المخرجات التي تهدد علاقتها بحلفائها، وفي مقدمتهم "جبهة النصرة"، التي خرج أميرها أبو محمد الجولاني، لاحقاً، في مؤتمر صحفي استثنائي ليهاجم بشدة مقررات الرياض ويتوعد بإفشالها بوصفها مؤامرة!
لم تصدر "أحرار الشام" غداة مؤتمر الرياض أي موقف جديد. ومن الواضح أنّ القرار هو "تعويم" موقف الحركة، ليستفاد منه دولياً في مواجهة الروس، وفي الوقت نفسه لا يحدث الصدام والشقاق بينها وبين "جبهة النصرة"، فتبقى بالفعل هذه الحركة كـ"القنبلة الموقوتة" ليس فقط في القائمة الأردنية، كما وصفتها صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من إيران، بل في ترسيم معالم المرحلة المقبلة!
ليس الحديث عن التقسيم جديداً، فمنذ التحول في مسار الربيع العربي، والدخول في حقبة الصراعات المسلحة... more ليس الحديث عن التقسيم جديداً، فمنذ التحول في مسار الربيع العربي، والدخول في حقبة الصراعات المسلحة والثورة المضادة في دولٍ كثيرة، بدأ الحديث عن خطط قديمة لتقسيم المنطقة، و"سايكس بيكو جديد"، وعن مؤامرةٍ دوليةٍ تحاك ضد الدول العربية، واستعاد مثقفون مغرمون بنظرية المؤامرة نبوءات المستشرق المعروف، برنارد لويس، عن تمزيق المنطقة والدويلات الطائفية.
كل ذلك صحيح، لكنّها المرّة الأولى التي يبدأ الحديث عن تغيير شكل المنطقة وتقسيمها، وعن عدم نجاعة الحفاظ على الحدود الراهنة، من الإطار الإعلامي والمعرفي أو تحليلات مراكز الدراسات، إلى السياسيين والمسؤولين. لكن، هل هذه الفوضى التي أدت إلى الدمار الحالي وانهيار الدول والتمهيد إلى خطة (ب) فعلاً مؤامرة غربية محضة أم أنّها كانت نتيجة للخطة (ب) التي اعتمدتها الأنظمة العربية، وتقوم على قاعدة؛ إما أنا أو الطوفان من بعدي؟
الثمن بدأ الأسد بدفعه، بطبيعة الحال، عبر إمساك الإيرانيين والروس بزمام القرارات السياسية والعسكري... more الثمن بدأ الأسد بدفعه، بطبيعة الحال، عبر إمساك الإيرانيين والروس بزمام القرارات السياسية والعسكرية، فأصبحوا هم من يقرر التسويات الداخلية، وإدخال المعونات الغذائية، ويخططون للمعارك، ويوقعون مع الأميركيين أو الفصائل السورية المسلّحة وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وحتى تبادل السكّان، مثل اتفاق الزبداني-كفريا الفوعا!
القصة لا علاقة لها بنظام ممانعة أو إسرائيل أو أيّ من هذه الأوهام الغريبة، التي لا تسكن إلاّ في عقول بعض أنصار النظام هناك. فالروس وقعوا اتفاقيات وتفاهمات مع الإسرائيليين، وأسسوا لجنة مشتركة، والإيرانيون يبنون نفوذاً دائماً في سورية، ويسعون إلى استنساخ النموذج العراقي، بينما الشعب السوري أصبح نصفه بين مشرّد في الخارج والداخل أو معتقل أو هارب أو قتيل، وأكثر من 40 % من المساكن والبيوت تمّ تدميرها في القصف الجوي المستمر، فعن أيّ انتصار تتحدثون؟!
على الطرف المقابل، لن يكون انتصار "داعش" أو "النصرة" أو أي فصيل متطرف، انتصارا للشعب السوري وثورته. فليس لذلك خرج الناس وواجهوا القمع والقتل والتنكيل من قبل النظام السوري، وفقدوا منازلهم واستقرارهم وأمنهم؛ الهدف الحقيقي كان الديمقراطية والحرية والتحرر من النظام القمعي البوليسي، الذي استمر يتحكم بالرقاب عقوداً طويلة، لا من أجل أن يقيموا نظاماً شبيهاً بنظام "داعش" أو نظاما أصوليا يُعدّ النظام السوري جنّة مقارنةً به!
لا تقف حالة الفوضى عند الأمن والقضاء، بل تطاول اليوم الإعلام المصري والصراعات الداخلية. فهناك حرب... more لا تقف حالة الفوضى عند الأمن والقضاء، بل تطاول اليوم الإعلام المصري والصراعات الداخلية. فهناك حرب مشتعلة بين أمناء الشرطة وضباطها، وهناك أيضاً تصفية حسابات بين من سمّاهم الصديق خليل العناني اليمين المؤيد للرئيس السيسي. وربما من تابع الصراع الإعلامي المفتوح بين رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور والإعلامي المعروف عمرو أديب، يشعر بالقلق الشديد من حجم الانهيارات التي تحدث اليوم في البلاد.
حتى النخبة المثقفة التي أيّدت الانقلاب العسكري، في البدايات، عادت لاحقاً لتراجع مواقفها وتنقلب على نفسها، وكان آخرهم الأديب المعروف علاء الأسواني، الذي وجد نفسه ممنوعاً من الكتابة ومحجوباً عن الإعلام، كما اعترف هو نفسه لإذاعة "بي. بي. سي".
من الضروري أن يفهم الجميع، مما يحدث حالياً في مصر وغيرها، أنّ العودة إلى اللعبة القديمة والسلطوية العربية لم تعد أمراً ممكناً ولا منطقياً، فالنتيجة الوحيدة للثورة المضادة ضد "الربيع العربي" هي التفكك والفوضى والفشل، والدخول في دوّامة كبيرة، فقط لخدمة نخبة سياسية متضررة من المسار الديمقراطي، وعملت على تعطيله في العديد من الدول العربية.